ويؤيد ذلك ظاهر قوله " يشربون " و " يشرب بها " ولم يقل: سيشربون وسيشرب بها، ووقوع قوله: يشربون ويوفون ويخافون ويطعمون متعاقبة في سياق واحد، وذكر التفجير في قوله: " يفجرونها تفجيرا " الظاهر في استخراج العين وإجرائها بالتوسل بالأسباب.
ولهم في مفردات الآيتين وإعرابها أقاويل كثيرة مختلفة مذكورة في المطولات فليراجعها من أراد الوقوف عليها.
قوله تعالى: " يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا " المستطير اسم فاعل من استطار إذا فشى وانتشر في الأقطار غاية الانتشار وهو أبلغ من طار كما قيل: يقال:
استطار الحريق واستطار الفجر إذا اتسعا غايته، والمراد باستطارة شر اليوم وهو يوم القيامة بلوغ شدائده وأهواله وما فيه من العذاب غايته.
والمراد بالايفاء بالنذر ما هو ظاهره المعروف من معناه، وقول القائل: إن المراد به ما عقدوا عليه قلوبهم من العمل بالواجبات أو ما عقدوا عليه القلوب من اتباع الشارع في جميع ما شرعه خلاف ظاهر اللفظ من غير دليل يدل عليه.
قوله تعالى: " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " ضمير " على حبه " للطعام على ما هو الظاهر، والمراد بحبه توقان النفس إليه لشدة الحاجة، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " آل عمران: 92.
وقيل: الضمير لله سبحانه أي يطعمون الطعام حبا لله لا طمعا في الثواب، ويدفعه ان قوله تعالى حكاية منهم: " إنما نطعمكم لوجه الله " يغني عنه.
ويليه في الضعف ما قيل: إن الضمير للاطعام المفهوم من قوله: " ويطعمون " وجه الضعف أنه إن أريد بحب الاطعام حقيقة معناه فليس في حب الاطعام في نفسه فضل حتى يمدحوا به، وإن أريد به كون الاطعام بطيب النفس وعدم التكلف فهو خلاف الظاهر، ورجوع الضمير إلى الطعام هو الظاهر.
والمراد بالمسكين واليتيم معلوم، والمراد بالأسير ما هو الظاهر منه وهو المأخوذ من أهل دار الحرب.
وقول بعضهم: إن المراد به أسارى بدر أو الأسير من أهل القبلة في دار الحرب