تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٢٩
قوله تعالى: " وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " المراد بالصبر صبرهم عند المصيبة وعلى الطاعة وعن المعصية فإنهم ابتغوا في الدنيا وجه ربهم وقدموا إرادته على إرادتهم فصبروا على ما قضى به فيهم وأراده من المحن ومصائب الدنيا في حقهم، وصبروا على امتثال ما أمرهم به وصبروا على ترك ما نهاهم عنه وإن كان مخالفا لأهواء أنفسهم فبدل الله ما لقوه من المشقة والكلفة نعمة وراحة.
قوله تعالى: " متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " الأرائك جمع أريكة وهو ما يتكئ عليه، والزمهرير البرد الشديد، والمعنى حال كونهم متكئين في الجنة على الأرائك لا يرون فيها شمسا حتى يتأذوا بحرها ولا زمهريرا حتى يتأذوا ببرده.
قوله تعالى: " ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا " الظلال جمع ظل، ودنو الظلال عليهم قربها منهم بحيث تنبسط عليهم فكأن الدنو مضمن معنى الانبساط وقطوف جمع قطف بالكسر فالسكون وهو الثمرة المقطوفة المجتباة، وتذليل القطوف لهم جعلها مسخرة لهم يقطفونها كيف شاؤوا من غير مانع أو كلفة.
قوله تعالى: " ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا " الآنية جمع إناء كأكسية جمع كساء وهو الوعاء، وأكواب جمع كوب وهو إناء الشراب الذي لا عروة له ولا خرطوم والمراد طواف الولدان المخلدين عليهم بالآنية وأكواب الشراب كما سيأتي في قوله: " ويطوف عليهم ولدان " الآية.
قوله تعالى: " قوارير من فضة قدروها تقديرا " بدل من قوارير في الآية السابقة، وكون القوارير من فضة مبني على التشبيه البليغ أي إنها في صفاء الفضة وإن لم تكن منها حقيقة، كذا قيل. واحتمل أن يكون بحذف مضاف والتقدير من صفاء الفضة.
وضمير الفاعل في " قدروها " للأبرار والمراد بتقديرهم الآنية والأكواب كونها على ما شاؤوا من القدر ترويهم بحيث لا تزيد ولا تنقص كما قال تعالى: " لهم ما يشاؤن فيها " ق: 35 وقد قال تعالى قبل: " يفجرونها تفجيرا ".
ويحتمل رجوع الضمير إلى الطائفين المفهوم من قوله: " يطاف عليهم " والمراد بتقديرهم الآنية والأكواب إتيانهم بها على قدر ما أرادوا محتوية على ما اشتهوا قدر ما اشتهوا.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست