في تأثيره بالايمان لكون العمل حبطا بدون الايمان قال تعالى: " ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله " المائدة: 5 إلى غيرها من الآيات.
وقد جمع الدين الحق وهو سبيل الرشاد في أوجز بيان وهو أن للانسان دار قرار يجزى فيها بما عمل في الدنيا من عمل سيئ أو صالح فليعمل صالحا ولا يعمل سيئا، وزاد بيانا إذ أفاد أنه إن عمل صالحا يرزق بغير حساب.
قوله تعالى: " ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار - إلى قوله - العزيز الغفار " كأنه لما دعاهم إلى التوحيد قابلوه بدعوته إلى عبادة آلهتهم أو قدرها لهم لما شاهد جدالهم بالباطل وإصرارهم على الشرك فنسب إليهم الدعوة بشهادة حالهم فأظهر العجب من مقابلتهم دعوته الحقة بدعوتهم الباطلة.
فقال: ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة أي النجاة من النار وتدعونني إلى النار وقد كان يدعوهم إلى سبب النجاة ويدعونه إلى سبب دخول النار فجعل الدعوة إلى السببين دعوة إلى المسببين أو لان الجزاء هو العمل بوجه.
ثم فسر ما دعوه إليه وما دعاهم إليه فقال: تدعونني لأكفر أي إلى أن أكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم أي أشرك به شيئا لا حجة لي على كونه شريكا فأفتري على الله بغير علم، وأنا أدعوكم إلى العزيز الذي يغلب ولا يغلب، الغفار لمن تاب إليه وآمن به أي أدعوكم إلى الايمان به والاسلام له.
قوله تعالى: " لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة " الخ لا جرم بمعنى حقا أو بمعنى لابد، ومفاد الآية إقامة الحجة على عدم كون ما يدعون إليه إلها من طريق عدم الدعوة إليه وفي ذلك تأييد لقوله في الآية السابقة " ما ليس لي به علم ".
والمعنى: ثبت ثبوتا أن ما تدعونني إليه مما تسمونه شريكا له سبحانه ليس له دعوة في الدنيا إذ لم يعهد نبي أرسل إلى الناس من ناحيته ليدعوهم إلى عبادته، ولا في الآخرة إذ لا رجوع إليه فيها من أحد، وأما الذي أدعوكم إليه وهو الله سبحانه فإن له دعوة في الدنيا وهي التي تصداها أنبياؤه ورسله المبعوثون من عنده المؤيدون بالحجج والبينات،