وقوله: " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم " إنكار لعزمهم على قتله، وفي قوله: " من ربكم " دليل على أن في البينات التي جاء بها دلالة على أن الله ربهم أيضا كما اتخذه ربا فقتله قتل رجل جاء بالحق من ربهم.
وقوله: " وإن يك كاذبا فعليه كذبه " قيل: إن ذكره هذا التقدير تلطف منه لا أنه كان شاكا في صدقه.
وقوله: " وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم " فيه تنزل في المخاصمة بالاكتفاء على أيسر التقادير وأقلها كأنه يقول: " وإن يك صادقا يصبكم ما وعدكم من أنواع العذاب ولا أقل من إصابة بعض ما يعدكم مع أن لازم صدقه إصابة جميع ما وعد.
وقوله: " إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب " تعليل للتقدير الثاني فقط والمعنى إن يك كاذبا كفاه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم لأنكم حينئذ مسرفون متعدون طوركم كذابون في نفي ربوبية ربكم واتخاذ أرباب من دونه والله لا يهدي من هو مسرف كذاب، وأما على تقدير كذبه فلا ربوبية لمن اتخذه ربا حتى يهديه أو لا يهديه.
ومن هنا يظهر أن ما ذكره بعضهم من كون الجملة تعليلا للتقديرين جميعا متعلقة بكلتا الجملتين غير مستقيم.
قوله تعالى: " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا " ظهورهم غلبتهم وعلوهم في الأرض، والأرض أرض مصر، و بأس الله أخذه وعذابه والاستفهام للانكار.
والمعنى: يا قوم لكم الملك حال كونكم غالبين عالين في أرض مصر على من دونكم من بني إسرائيل فمن ينصرنا من أخذ الله وعذابه كما يعدنا به موسى إن جاءنا؟ وقد أدخل نفسه فيهم على تقدير مجئ البأس ليكون أبلغ في النصح وأوقع في قلوبهم أنه يريد لهم من العافية ما يريده لنفسه.
قوله تعالى: " قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " أي طريق الصواب المطابقة للواقع يريد أنه على يقين مما يهدي إليه قومه من الطريق