وقوله: " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " أي إن دعاءهم قد أحاط به الضلال فلا يهتدي إلى هدف الإجابة وهو تتمة كلام الخزنة على ما يعطيه السياق، ويحتمل أن يكون من كلامه تعالى، على بعد.
والجملة على أي حال تفيد معنى التعليل والمحصل: ادعوا فلا يستجاب لكم فإنكم كافرون، والكافرون لا يستجاب لهم دعاء.
وتعليق حكم عدم الاستجابة بوصف الكفر مشعر بعليته وذلك أن الله سبحانه وإن وعد عباده وعدا قطعيا أن يجيب دعوة من دعاه منهم فقال: " أجيب دعوة الداع إذا دعان " البقرة 186، والدعاء إذا كان واقعا على حقيقته لا يرد البتة لكن الذي يتضمنه متن هذا الوعد هو أن يكون هناك دعاء وطلب حقيقة وأن يتعلق ذلك بالله حقيقة أي يدعو الداعي ويطلب جدا وينقطع في ذلك إلى الله عن سائر الأسباب التي يسميها أسبابا.
والكافر بعذاب الآخرة وهو الذي ينكرها ويستر حقيقتها لا يتمشى منه طلب جدي لرفعه أما في الدنيا فظاهر، وأما في الآخرة فلانه وإن أيقن به بالمعاينة وانقطع إلى الله سبحانه لما هو فيه من الشدة وقد انقطعت عنه الأسباب لكن صفة الانكار لزمته وبالا وقد جوزي بها فلا تدعه يطلب ما كان ينكره طلبا جديا.
على أن الكلام في انقطاعه إلى الله أيضا كالكلام في طلبه الجدي للتخلص وأنى له الانقطاع إلى الله هناك ولم يتلبس به في الدنيا فافهمه.
وبذلك يظهر ضعف الاستدلال بالآية على أن دعاء الكافر لا يستجاب مطلقا فإنك عرفت أن مدلول الآية عدم استجابة دعائه فيما يكفر به وينكره لا مطلقا كيف؟
وهناك آيات كثيرة تذكر استجابة دعائه في موارد الاضطرار.
قوله تعالى: " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد " الاشهاد جمع شهيد بمعنى شاهد، والآية وعد نوعي لا وعد شخصي لكل واحد شخصي منهم في كل واقعة شخصية، وقد تقدم كلام في معنى النصر الإلهي في تفسير قوله تعالى: