قال: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين " لمن الملك اليوم " فلم يجبه مجيب فعند ذلك يقول الجبار عز وجل مجيبا لنفسه " لله الواحد القهار " الحديث.
أقول: التدبر في الروايات الثلاث الأخيرة يهدي إلى أن الذي يفنى من الخلق استقلال وجودها والنسب وروابط التأثير التي بينها كما تفيده الآيات القرآنية وأن الأرواح لا تموت، وأن لا وقت بين النفختين فلا تغفل، وفي الروايات لطائف من الإشارات تظهر للمتدبر، وفيها ما يخالف بظاهره ما تقدم.
وفي روضة الكافي بإسناده عن ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه السلام في حديث قال: يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا أساءه ذلك وندم عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " كفى بالندم توبة " وقال: " من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن " فإن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له شفاعة وكان ظالما والله تعالى يقول: " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ".
وفي المعاني بإسناده إلى عبد الرحمان بن سلمة الحريري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يعلم خائنة الأعين " فقال: " ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشئ وكأنه لا ينظر فذلك خائنة الأعين.
وفي الدر المنثور أخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح فاختبأ عند عثمان ابن عفان.
فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى البيعة جاء به فقال: يا رسول الله بايع عبد الله فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى أن يبايعه ثم بايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا إلى حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ فقالوا:
ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك. قال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.