وهو حسن، وعلى أي حال لا يستقيم ما ذكره على شئ من مذاهب الوثنية فلعله كان منه تمويها على الناس أو جهلا منه وما هو من الظالمين ببعيد.
وقوله: " وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل " مفاد السياق أنه في معنى إعطاء الضابط لما واجه به فرعون الحق الذي كان يدعوه إليه موسى فقد زين الشيطان له قبيح عمله فرآه حسنا وصده عن سبيل الرشاد فرأى انصداده عنها ركوبا عليها فجادل في آيات الله بالباطل وأتى بمثل هذه الأعمال القبيحة والمكائد السفهية لادحاض الحق.
ولذلك ختمت الآية بقوله: " وما كيد فرعون إلا في تباب " أي هلاك وانقطاع.
قوله تعالى: " وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد " يدعوهم إلى اتباعه ليهديهم، و اتباعه اتباع موسى، وسبيل الرشاد السبيل التي في سلوكها إصابة الحق والظفر بالسعادة، والهداية بمعنى إراءة الطريق، وفي قوله: " أهدكم سبيل الرشاد " تعريض لفرعون حيث قال: " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار " هذا هو السناد الذي يستند إليه سلوك سبيل الرشاد والتدين بدين الحق لا غنى عنه بحال وهو الاعتقاد بأن للانسان حياة خالدة مؤبدة هي الحياة الآخرة وأن هذه الحياة الدنيا متاع في الآخرة ومقدمة مقصودة لأجلها، ولذلك بدء به في بيان سبيل الرشاد ثم ذكر السيئة والعمل الصالح.
قوله تعالى: " من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها " إلى آخر الآية. أي إن الذي يصيبه ويعيش به في الآخرة يشاكل ما أتى به في هذه الحياة الدنيا التي هي متاع فيها فإنما الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء.
من عمل في الدنيا سيئة ذات صفة المساءة فلا يجزى في الآخرة إلا مثلها مما يسوؤه ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى من غير فرق بينهما في ذلك والحال أنه مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب.
وفيه إشارة إلى المساواة بين الذكر والأنثى في قبول العمل وتقييد العمل الصالح