قوله تعالى: " فوقاه الله سيئات ما مكروا " تفريع على تفويضه الامر إلى الله فكفاه الله شرهم ووقاه سيئات مكرهم، وفيه إشارة إلى أنهم قصدوه بالسوء لكن الله دفعهم عنه.
قوله تعالى: " وحاق بآل فرعون سوء العذاب - إلى قوله - أشد العذاب " أي نزل بهم وأصابهم العذاب السيئ فسوء العذاب من إضافة الصفة إلى موصوفها وفي التوصيف بالمصدر مبالغة، وآل فرعون أشياعه وأتباعه، وربما يقال آل فلان ويشمل نفسه.
وقوله: " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " ظاهر السياق أنه بيان لسوء العذاب وليس من الاستئناف في شئ.
والآية صريحة أولا في أن هناك عرضا على النار ثم إدخالا فيها والادخال أشد من العرض، وثانيا: في أن العرض على النار قبل قيام الساعة التي فيها الادخال وهو عذاب البرزخ - عالم متوسط بين الموت والبعث - وثالثا: أن التعذيب في البرزخ ويوم تقوم الساعة بشئ واحد وهو نار الآخرة لكن البرزخيين يعذبون بها من بعيد وأهل الآخرة بدخولها.
وفي قوله: " غدوا وعشيا " إشارة إلى التوالي من غير انقطاع، ولعل لأهل البرزخ لعدم انقطاعهم عن الدنيا بالكلية نسبة ما إلى الغداة والعشي.
وفي قوله: " ويوم تقوم الساعة ادخلوا " إيجاز بالحذف والتقدير يقال: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب.
قوله تعالى: " وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا - إلى قوله - بين العباد " يفيد السياق أن الضمير في " يتحاجون " لآل فرعون ومن الدليل على ذلك تغيير السياق في قوله بعد: " وقال الذين في النار " والمعنى وحاق بآل فرعون سوء العذاب إذ يتحاجون في النار أو واذكر من سوء عذابهم إذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء منهم للذين استكبروا إنا كنا في الدنيا لكم تبعا وكان لازم ذلك أن تكفونا في الحوائج وتنصرونا في الشدائد ولا شدة أشد مما نحن فيه فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار وإن لم يكن جميع عذابها فقد قنعنا بالبعض.