وهي مع كونها معلومة له مطابقة للواقع، وهذا كان تمويها منه وتجلدا.
قوله تعالى: " وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب - إلى قوله - للعباد " المراد بالذي آمن هو مؤمن آل فرعون، ولا يعبؤ بما قيل: إنه موسى لقوة كلامه، والمراد بالأحزاب الأمم المذكورون في الآية التالية قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وقوله: " مثل دأب قوم نوح " بيان للمثل السابق والدأب هو العادة.
والمعنى: يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأقوام الماضين مثل العادة الجارية من العذاب عليهم واحدا بعد واحد لكفرهم وتكذيبهم الرسل، أو مثل جزاء عادتهم الدائمة من الكفر والتكذيب وما الله يريد ظلما للعباد.
قوله تعالى: " ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد - إلى قوله - من هاد " يوم التناد يوم القيامة، ولعل تسميته بذلك لكون الظالمين فيه ينادي بعضهم بعضا وينادون بالويل والثبور على ما اعتادوا به في الدنيا.
وقيل: المراد بالتنادي المناداة التي تقع بين أصحاب الجنة وأصحاب النار على ما ذكره الله تعالى في سورة الأعراف، وهناك وجوه آخر ذكروها لا جدوى فيها.
وقوله: " يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم " المراد به يوم القيامة ولعل المراد أنهم يفرون في النار من شدة عذابها ليتخلصوا منها فردوا إليها كما قال تعالى: " كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق " الحج: 22.
وقوله: " ومن يضلل الله فما له من هاد " بمنزلة التعليل لقوله: " ما لكم من الله من عاصم " أي تفرون مدبرين ما لكم من عاصم ولو كان لكان من جانب الله وليس وذلك لان الله أضلهم ومن يضلل الله فما له من هاد.
قوله تعالى: " ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات " إلى آخر الآية. لما ذكر أن الله أضلهم ولا هادي لهم استشهد له بما عاملوا به يوسف عليه السلام في رسالته إليهم حيث شكوا في نبوته ما دام حيا ثم إذا مات قالوا: لا نبي بعده.
فالمعنى: وأقسم لقد جاءكم يوسف من قبل بالآيات البينات التي لا تدع ريبا في