في شعب الايمان عن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " إلى آخر الآية. فقال رجل:
يا رسول الله فمن أشرك " فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: إلا من أشرك.
أقول: في الرواية شئ فقد تقدم أن مورد الآية هو الشرك وأن الآية مقيدة بالتوبة.
وفيه أخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم.
أقول: ما في الحديث من المغفرة لا يأبى التقيد بأسباب المغفرة كالتوبة والشفاعة.
وفي المجمع قيل: هذه الآية يعني قوله: " يا عبادي الذين أسرفوا " الخ نزلت في وحشي قاتل حمزة حين أراد أن يسلم وخاف أن لا تقبل توبته فلما نزلت الآية أسلم فقيل:
يا رسول الله هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بل للمسلمين عامة.
وعن كتاب سعد السعود لابن طاوس نقلا عن تفسير الكلبي: بعث وحشي وجماعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ما يمنعنا من دينك إلا أننا سمعناك تقرء في كتابك أن من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزني يلق أثاما ويخلد في العذاب ونحن قد فعلنا ذلك كله فبعث إليهم بقوله تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا " فقالوا: نخاف أن لا نعمل صالحا.
فبعث إليهم " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " فقالوا نخاف أن لا ندخل في المشية. فبعث إليهم " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " فجاؤوا وأسلموا.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوحشي قاتل حمزة: غيب وجهك عني فإني لا أستطيع النظر إليك. قال: فلحق بالشام فمات في الخمر.
أقول: وروى ما يقرب منه في الدر المنثور بعدة طرق وفي بعضها أن قوله:
" يا عبادي الذين أسرفوا " الخ نزل فيه كما في خبر المجمع السابق، ويضعفه أن السورة مكية وقد أسلم وحشي بعد الهجرة. على أن ظاهر الخبر عدم تقيد إطلاق المغفرة في