في القرآن فمعنى يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أيها المؤمنون المذنبون.
ويدفعه أن قوله: " يا عبادي الذين أسرفوا " إلى تمام سبع آيات ذو سياق واحد متصل يفصح عن دعوتهم وقوله في ذيل الآيات: " بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت " الخ كالصريح أو هو صريح في شمول العباد للمشركين.
وما ورد في كلامه تعالى من لفظ " عبادي " والمراد به المؤمنون بضعة عشر موردا جميعها محفوفة بالقرينة وليس بحيث ينصرف عند الاطلاق إلى المؤمنين كما أن الموارد التي أطلق فيها وأريد به الأعم من المشرك والمؤمن في كلامه كذلك.
وبالجملة شمول " عبادي " في الآية للمشركين لا ينبغي أن يرتاب فيه، والقول بأن المراد به المشركون خاصة نظرا إلى سياق الآيات كما نقل عن ابن عباس أقرب إلى القبول من تخصيصه بالمؤمنين.
وقوله: " لا تقنطوا من رحمة الله " القنوط اليأس، والمراد بالرحمة بقرينة خطاب المذنبين ودعوتهم هو الرحمة المتعلقة بالآخرة دون ما هي أعم الشاملة للدنيا و الآخرة ومن المعلوم أن الذي يفتقر إليه المذنبون من شؤون رحمة الآخرة بلا واسطة هو المغفرة فالمراد بالرحمة المغفرة ولذا علل النهي عن القنوط من الرحمة بقوله: " إن الله يغفر الذنوب جميعا ".
وفي الآية التفات من التكلم إلى الغيبة حيث قيل: " إن الله يغفر " ولم يقل: إني أغفر وذلك للإشارة إلى أنه الله الذي له الأسماء الحسنى ومنها أنه غفور رحيم كأنه يقول لا تقنطوا من رحمتي فإني أنا الله أغفر الذنوب جميعا لان الله هو الغفور الرحيم.
وقوله: " إن الله يغفر الذنوب جميعا " تعليل للنهي عن القنوط وإعلام بأن جميع الذنوب قابلة للمغفرة فالمغفرة عامة لكنها تحتاج إلى سبب مخصص ولا تكون جزافا، والذي عده القرآن سببا للمغفرة أمران: الشفاعة (1) والتوبة لكن ليس المراد في قوله: " إن الله يغفر الذنوب جميعا " المغفرة الحاصلة بالشفاعة لان الشفاعة لا تنال