الفاعل لذلك والتعبيران أعني " نعمة منا " " إنما أوتيته " من لطيف تعبير القرآن، وقد وجهوا تذكير الضمير في " أوتيته " بوجوه أخر غير موجهة من أرادها فليرجع إلى المفصلات.
والملائم لسياق الآية أن يكون معنى " على علم " على علم مني أي أوتيت هذا الذي أوتيت على علم مني وخبرة بطرق كسب المعاش واقتناء الثروة وجمع المال.
وقيل: المراد إنما أوتيته على علم من الله بخير عندي استحق به أن يؤتيني النعمة، وقيل: المراد على علم مني برضى الله عني، وأنت خبير بأن ما تقدم من معنى قوله: " ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته " لا يلائم شيئا من القولين.
وقوله: " بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون " أي بل النعمة التي خولناه منا فتنة أي ابتلاء وامتحان نمتحنه بذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون بذلك.
وقيل: معناه بل تلك النعمة عذاب لهم، وقيل: المعنى بل هذه المقالة فتنة لهم يعاقبون عليها والوجهان بعيدان سيما الأخير.
قوله تعالى: " قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا " ضمير " قد قالها " راجع إلى القول السابق باعتبار أنه مقالة أو كلمة.
والآية رد لقولهم وإثبات لكونها فتنة يمتحنون بها بأنهم لو أوتوها على علم منهم واكتسبوها بحولهم وقوتهم لاغنى عنهم كسبهم ولم يصبهم سيئات ما كسبوا وحفظوها لأنفسهم وتنعموا بها ولم يهلكوا دونها وليس كذلك فهؤلاء الذين قبلهم قالوا هذه المقالة فما أغنى عنهم كسبهم وأصابهم سيئات ما كسبوا.
والظاهر أن الآية تشير بقوله: " قد قالها الذين من قبلهم " إلى قارون وأمثاله وقد حكي عنه قول " إنما أوتيته على علم مني " في قصته من سورة القصص.
قوله تعالى: " والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم ما كسبوا وما هم بمعجزين " الإشارة بهؤلاء إلى قومه صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى أن هؤلاء الذين ظلموا من قومك سبيلهم سبيل من قبلهم سيصيبهم سيئات كسبهم ووبالات عملهم وما هم بمعجزين لله.
قوله تعالى: " أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " الخ جواب آخر