السابق كما في ملك زيد للدار بخلاف الملك في هذا الوجه فإن المالك فيه يتصف بمملوكه كملك زيد الشجاع لشجاعته.
وقوله: " ثم إليه ترجعون " تعليل آخر لكونه يملك الشفاعة جميعا الدال على الحصر وذلك أن الشفاعة إنما يملكها الذي ينتهي إليه أمر المشفوع له إن شاء قبلها وأصلح حال المشفوع له وأما غيره فإنما يملكها إذ رضي بها وأذن فيها والله سبحانه هو الذي يرجع إليه العباد دون الذين يدعون من دون الله فالله هو المالك للشفاعة جميعا فقولهم يكون أوليائهم شفعاء لهم مطلقا ثم عبادتهم لهم كذلك بناء بلا مبنى يعتمد عليه.
وقيل: قوله: " ثم إليه ترجعون " تهديد لهم كأنه قيل: ثم إليه ترجعون فتعلمون أنهم لا يشفعون لكم ويخيب سعيكم في عبادتهم.
وقيل: يحتمل أن يكون تنصيصا على مالكية الآخرة التي فيها معظم نفع الشفاعة وإيماء إلى انقطاع الملك الصوري عما سواه تعالى، والوجه ما قدمناه.
قوله تعالى: " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة " الخ المراد من ذكره تعالى وحده جعله مفردا بالذكر من غير ذكر آلهتهم ومن مصاديقه قول لا إله إلا الله، والاشمئزاز الانقباض والنفور عن الشئ.
وإنما ذكر من وصفهم عدم إيمانهم بالآخرة لان ذلك هو الأصل في اشمئزازهم ولو كانوا مؤمنين بالآخرة وأنهم يرجعون إلى الله فيجازيهم بأعمالهم عبدوه دون أوليائهم ولم يرغبوا عن ذكره وحده.
وقوله: " وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون " المراد بالذين من دونه آلهتهم، والاستبشار سرور القلب بحيث يظهر أثره في الوجه.
قوله تعالى: " قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم " الخ لما بلغ الكلام مبلغا لا يرجى معه فيهم خير لنسيانهم أمر الآخرة وإنكارهم الرجوع إليه تعالى حتى كانوا يشمئزون من ذكره تعالى وحده أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يذكره تعالى وحده ويذكرهم حكمه بين عباده فيما اختلفوا فيه في صورة الالتجاء إليه تعالى على ما فيه من الاقرار بالبعث وقد وصف الله تعالى بأنه فاطر السماوات والأرض أي مخرجها من