فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين - 51. أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون - 52.
(بيان) في الآيات كرة أخرى على المشركين بالاحتجاج على توحده تعالى في الربوبية وأنه لا يصلح لها شركاؤهم وأن الشفاعة التي يدعونها لشركائهم لا يملكها إلا الله سبحانه وفيها أمور أخر متعلقة بالدعوة من موعظة وإنذار وتبشير.
قوله تعالى: " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله " إلى آخر الآية، شروع في إقامة الحجة وقد قدم لها مقدمة تبتني الحجة عليها وهي مسلمة عند الخصم وهي أن خالق العالم هو الله سبحانه فإن الخصم لا نزاع له في أن الخالق هو الله وحده لا شريك له وإنما يدعي لشركائه التدبير دون الخلق.
وإذا كان الخلق إليه تعالى فما في السماوات والأرض من عين ولا أثر إلا وينتهي وجوده إليه تعالى فما يصيب كل شئ من خير أو شر كان وجوده منه تعالى وليس لاحد أن يمسك خيرا يريده تعالى له أو يكشف شرا يريده تعالى له لأنه من الخلق والايجاد ولا شريك له تعالى في الخلق والايجاد حتى يزاحمه في خلق شئ أو يمنعه من خلق شئ أو يسبقه إلى خلق شئ والتدبير نظم الأمور وترتيب بعضها على بعض خلق وإيجاد فالله الخالق لكل شئ كاف في تدبير أمر العالم لأنه الخالق لكل شئ وليس وراء الخلق شئ حتى يتوهم استناده إلى غيره فهو الله رب كل شئ وإلهه لا رب سواه ولا إله غيره.
فقوله: " قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله " أي أقم الحجة عليهم بانيا لها على هذه المقدمة المسلمة عندهم أن الله خالق كل شئ وقل مفرعا عليه أخبروني عما تدعون من دون الله، والتعبير عن آلهتهم بلفظة " ما " دون " من " ونحوه يفيد تعميم البيان للأصنام وأربابها جميعا فإن الخواص منهم وإن قصروا العبادة على الأرباب من الملائكة