تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٧٠
سبحانه هو المدبر لأمرهم وأنهم إليه راجعون سيحاسبهم على ما عملوا.
قوله تعالى: " أم اتخذوا من دون الله شفعاء " الخ " أم " منقطعة أي بل اتخذ المشركون من دون الله شفعاء وهم آلهتهم الذين يعبدونهم ليشفعوا لهم عند الله سبحانه كما قال في أول السورة: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وقال: " يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " يونس: 18.
وقوله: " قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون " أمر بأن يرده عليهم بالمناقشة في إطلاق كلامهم فإن من البديهي أن الشفاعة تتوقف على علم في الشفيع يعلم به ما يريد؟ وممن يريد؟ ولمن يريد؟ فلا معنى لشفاعة الجهاد الذي لا شعور له وكذا تتوقف على أن يملك الشفيع الشفاعة ويكون له حق أن يشفع ولا ملك لغير الله إلا أن يملكه الله شيئا ويأذن له في التصرف فيه فقولهم بشفاعة أوليائهم مطلقا الشامل لما لا يملكونه ولا علم لهم بإذنه تعالى لهم فيها تخرص.
فالاستفهام في " أو لو كانوا " الخ للانكار والمعنى قل لهم: هل تتخذونهم شفعاء لكم ولو كانوا لا يملكون من عند أنفسهم شيئا كالملائكة ولا يعقلون شيئا كالأصنام؟ فإنه سفه.
قوله تعالى: " قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض " الخ توضيح وتأكيد لما مر من قوله: " قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا " واللام في " لله " للملك، وقوله: " له ملك السماوات والأرض " في مقام التعليل الجملة السابقة، والمعنى كل شفاعة فإنها مملوكة لله فإنه المالك لكل شئ إلا أن يأذن لاحد في شئ منها فيملكه إياها، وأما استغلال بعض عباده كالملائكة يملك الشفاعة مطلقا كما يقولون فمما لا يكون قال تعالى: " ما من شفيع إلا من بعد إذنه " يونس: 3.
وللآية معنى آخر أدق إذا انضمت إلى مثل قوله تعالى: " ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع " الانعام: 51 وهو أن الشفيع بالحقيقة هو الله سبحانه وغيره من الشفعاء لهم الشفاعة بإذن منه فقد تقدم في بحث الشفاعة في الجزء الأول من الكتاب أن الشفاعة ينتهي إلى توسط بعض صفاته تعالى بينه وبين المشفوع له لاصلاح حاله كتوسط الرحمة والمغفرة بينه وبين عبده المذنب لانجائه من وبال الذنب وتخليصه من العذاب.
والفرق بين هذا الملك وما في الوجه السابق أن المالك لا يتصف بمملوكه في الوجه
(٢٧٠)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382