أعمالهم بعد ما كانت خفية عليهم فهو كقوله: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء " آل عمران: 30.
وقوله: " وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن " أي ونزل عليهم وأصابهم ما كانوا يستهزؤن به في الدنيا إذا سمعوه من أولياء الدين من شدائد يوم القيامة وأهواله وأنواع عذابه.
قوله تعالى: " فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة قال إنما أوتيته على علم " الخ الآية في مقام التعليل البياني لما تقدم من وصف الظالمين ولذا صدرت بالفاء لتتفرع على ما تقدم تفرع البيان على المبين.
فهو تعالى لما ذكر من حالهم أنهم أعرضوا عن كل آية دالة على الحق ولم يصغوا إلى الحجج المقامة عليهم ولم يسمعوا موعظة ولم يعتدوا بعبرة فجحدوا ربوبيته تعالى وأنكروا البعث والحساب وبلغ بهم ذلك أن اشمأزت قلوبهم إذا ذكر الله وحده.
بين أن ذلك مما يستدعيه طبع الانسان المائل إلى اتباع هوى نفسه والاغترار بما زين له من نعم الدنيا والأسباب الظاهرية الحافة بها فالانسان حليف النسيان إذا مسه الضر أقبل إلى ربه وأخلص له ودعاه ثم إذا خوله ربه نعمة نسبه إلى علم نفسه وخبرته ونسي ربه وجهل أنها فتنة فتن بها.
فقوله: " فإذا مس الانسان ضر " أي مرض أو شدة " دعانا " أي خصنا بالدعاء وانقطع عن غيرنا.
وقوله: " ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم " التخويل الاعطاء على نحو الهبة، وتقييد النعمة بقوله: " منا " للدلالة على كون وصف النعمة محفوظا لها والمعنى خولناه نعمة ظاهرا كونها نعمة.
وضمير " أوتيته " للنعمة بما أنه شئ أو مال والعناية في ذلك بالإشارة إلى أنه لا يعترف بكونها نعمة منا بل يقطعها عنا فيسميها شيئا أو مالا ونحوه ولا يسميها نعمة حتى يضطره ذلك إلى الاعتراف بمنعم والإشارة إليه كما قال: " أوتيته " فصفح عن