الإلهي الذي جاء به الرسول بقرينة قوله: " إذ جاءه ".
وقوله: " أليس في جهنم مثوى للمتكبرين " المثوى اسم مكان بمعنى المنزل والمقام، والاستفهام للتقرير أي إن في جهنم مقام هؤلاء الظالمين لتكبرهم على الحق الموجب لافترائهم على الله وتكذيبهم بصادق النباء الذي جاء به الرسول.
والآية خاصة بمشركي عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بمشركي أمته بحسب السياق وعامة لكل من ابتدع بدعة وترك سنة من سنن الدين.
قوله تعالى: " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " المراد بالمجئ بالصدق الاتيان بالدين الحق والمراد بالتصديق به الايمان به والذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقوله: " أولئك هم المتقون " لعل الإشارة إلى الذي جاء به بصيغة الجمع لكونه جمعا بحسب المعنى وهو كل نبي جاء بالدين الحق وآمن بما جاء به بل وكل مؤمن آمن بالدين الحق ودعى إليه فإن الدعوة إلى الحق قولا وفعلا من شؤون اتباع النبي، قال تعالى: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " يوسف: 108.
قوله تعالى: " لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين " هذا جزاؤهم عند ربهم وهو أن لهم ما تتعلق به مشيتهم فالمشية هناك هي السبب التام لحصول ما يشاؤه الانسان أياما كان بخلاف ما عليه الامر في الدنيا فإن حصول شئ من مقاصد الحياة فيها يتوقف - مضافا إلى المشية - على عوامل وأسباب كثيرة منها السعي والعمل المستمد من الاجتماع والتعاون.
فالآية تدل أولا على إقامتهم في دار القرب وجوار رب العالمين، وثانيا أن لهم ما يشاؤن فهذان جزاء المتقين وهم المحسنون فإحسانهم هو السبب في إيتائهم الاجر المذكور وهذه هي النكتة في إقامة الظاهر مقام الضمير في قوله: " وذلك جزاء المحسنين " وكان مقتضى الظاهر أن يقال: وذلك جزاؤهم.
وتوصيفهم بالاحسان وظاهره العمل الصالح أو الاعتقاد الحق والعمل الحسن جميعا يشهد أن المراد بالتصديق المذكور هو التصديق قولا وفعلا. على أن القرآن لا يسمي تارك بعض ما أنزله الله من حكم مصدقا به.