تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٩٤
ذلك، واليه يشير قوله: " والله سميع عليم " أي سميع لسؤال من سأله التزكية عليم بحال من استعد لها.
قوله تعالى: " ولا يأتل اولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله " الخ، الايتلاء التقصير والترك والحلف، وكل من المعاني الثلاثة لا يخلو من مناسبة، والمعنى لا يقصر أولوا الفضل منكم والسعة يعني الأغنياء في إيتاء أولى القرابة والمساكين والمهاجرين في سبيل الله من مالهم أو لا يترك إيتاءهم أو لا يحلف أن لا يؤتيهم - وليعفوا عنهم وليصفحوا - ثم حرضهم بقوله: " ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ".
وفي الآية - على تقدير نزولها في جملة الآيات واتصالها بها - دلالة على أن بعض المؤمنين عزم على أن يقطع ما كان يؤتيه بعض أهل الإفك فنهاه الله عن ذلك وحثه على إدامة الايتاء كما سيجئ.
قوله تعالى: " إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة و لهم عذاب عظيم " أخذ الصفات الثلاث الاحصان والغفلة والايمان للدلالة على عظم المعصية فإن كلا من الاحصان بمعنى العفة والغفلة والايمان سبب تام في كون الرمي ظلما والرامي ظالما والمرمية مظلومة فإذا اجتمعت كان الظلم أعظم ثم أعظم، وجزاؤه اللعن في الدنيا والآخرة والعذاب العظيم، والآية عامة وإن كان سبب نزولها لو نزلت في جملة آيات الإفك خاصا.
قوله تعالى: " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " الظرف متعلق بقوله في الآية السابقة: " ولهم عذاب عظيم ".
والمراد بقوله: " بما كانوا يعملون " كما يقتضيه إطلاقه مطلق الأعمال السيئة - كما قيل - لا خصوص الرمي بأن تشهد ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم على رميهم فالمراد بالشهادة شهادة الأعضاء على السيئات والمعاصي بحسب ما يناسبها فما كان منها من قبيل الأقوال كالقذف والكذب والغيبة ونحوها شهدت عليه الألسنة، وما كان منها من قبيل الافعال كالسرقة والمشي للنميمة والسعاية وغيرهما شهدت عليه بقيه الأعضاء، وإذ كان معظم المعاصي من الافعال للأيدي والا رجل اختصتا بالذكر.
وبالحقيقة الشاهد على كل فعل هو العضو الذي صدر منه كما يشير إليه قوله تعالى: "
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست