شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون " حم السجدة: 20، وقوله: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا " أسرى: 36، وقوله: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " يس: 65، وسيأتي الكلام على شهادة الأعضاء يوم القيامة في بحث مستقل في تفسير سورة حم السجدة إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون إن الله هو الحق المبين " المراد بالدين الجزاء كما في قوله: " مالك يوم الدين " الحمد: 4، وتوفية الشئ بذله تاما كاملا، والمعنى: يوم القيامة يؤتيهم الله جزاءهم الحق إيتاء تاما كاملا ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
هذا بالنظر إلى اتصال الآية بما قبلها ووقوعها في سياق ما تقدمها، وأما بالنظر إلى استقلالها في نفسها فمن الممكن أن يراد بالدين ما يرادف الملة وهو سنة الحياة، وهو معنى عال يرجع إلى ظهور الحقائق يوم القيامة للانسان، ويكون أكثر مناسبة لقوله:
" ويعلمون أن الله هو الحق المبين ".
والآية من غرر الآيات القرآنية تفسر معنى معرفة الله فإن قوله: " ويعلمون أن الله هو الحق المبين " ينبئ أنه تعالى هو الحق لا سترة عليه بوجه من الوجوه ولا على تقدير من التقادير فهو من أبده البديهيات التي لا يتعلق بها جهل لكن البديهي ربما يغفل عنه فالعلم به تعالى هو ارتفاع الغفلة عنه الذي ربما يعبر عنه بالعلم، وهذا هو الذي يبدو لهم يوم القيامة فيعلمون أن الله هو الحق المبين.
وإلى مثله يشير قوله تعالى: " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " ق: 22.
قوله تعالى: " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات " الخ ذيل الآية " أولئك مبرؤن مما يقولون " دليل على أن المراد بالخبيثات والخبيثين والطيبات والطيبين نساء ورجال متلبسون بالخباثة والطيب فالآية من تمام آيات الإفك متصلة بها مشاركة لها في سياقها وهي عامة لا مخصص لها من جهة اللفظ البتة.
فالمراد بالطيب الذي يوجب كونهم مبرئين مما يقولون على ما تدل عليه الآيات