تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٩٢
والمعنى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لوصل إليكم بسبب ما خضتم فيه من الإفك عذاب عظيم في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى: " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم " الخ، الظرف متعلق بقوله: " أفضتم " وتلقي الانسان القول أخذه القول الذي ألقه إليه غيره، وتقييد التلقي بالألسنة للدلالة على أنه كان مجرد انتقال القول من لسان إلى لسان من غير تثبت وتدبر فيه.
وعلى هذا فقوله: " وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم " من قبيل عطف التفسير، وتقييده أيضا بقوله: " بأفواهكم " للإشارة إلى أن القول لم يكن عن تثبت وتبين قلبي ولم يكن له موطن إلا الأفواه لا يتعداها.
والمعنى: أفضتم وخضتم فيه إذ تأخذونه وتنقلونه لسانا عن لسان وتتلفظون بما لا علم لكم به.
قوله: " وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " أي تظنون التلقي بألسنتكم والقول بأفواهكم من غير علم سهلا وهو عند الله عظيم لأنه بهتان وافتراء، على أن الامر مرتبط بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وشيوع إفك هذا شأنه بين الناس يفضحه عندهم ويفسد أمر الدعوة الدينية.
قوله تعالى: " ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم " عطف بعد عطف على قوله: " لولا إذ سمعتموه " الخ، وفيه كرة ثالثة على المؤمنين بالتوبيخ، وقوله: " سبحانك " اعتراض بالتنزيه لله سبحانه وهو من أدب القرآن أن ينزه الله بالتسبيح عند تنزيه كل منزه.
والبهتان الافتراء سمي به لأنه يبهت الانسان المفتري عليه وكونه بهتانا عظيما لأنه افتراء في عرض وخاصة إذ كان متعلقة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما كان بهتانا لكونه إخبارا من غير علم ودعوي من غير بينة كما تقدم في قوله: " فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " إلى آخر الآيتين موعظة بالنهي عن العود لمثله، ومعنى الآيتين ظاهر.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست