والضمير للإفك، والمعنى: والذي تولى معظم الإفك وأصر على إذاعته بين الناس من هؤلاء الآفكين له عذاب عظيم.
قوله تعالى: " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين " توبيخ لهم إذ لم يردوا الحديث حينما سمعوه ولم يظنوا بمن رمي به خيرا.
وقوله: " ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم " من وضع الظاهر موضع المضمر، والأصل " ظننتم بأنفسكم " والوجه في تبديل الضمير وصفا الدلالة على علة الحكم فإن صفة الايمان رادعة بالطبع تردع المتلبس بها عن الفحشاء والمنكر في القول والفعل فعلي المتلبس بها أن يظن على المتلبسين بها خيرا، وأن يجتنب القول فيهم بغير علم فإنهم جميعا كنفس واحدة في التلبس بالايمان ولوازمه وآثاره.
فالمعنى: ولولا إذ سمعتم الإفك ظننتم بمن رمي به خيرا فإنكم جميعا مؤمنون بعضكم من بعض والمرمي به من أنفسكم وعلى المؤمن أن يظن بالمؤمن خيرا ولا يصفه بما لا علم له به.
وقوله: " قالوا هذا إفك مبين " أي قال المؤمنون والمؤمنات وهم السامعون - أي قلتم - هذا إفك مبين لان الخبر الذي لا علم لمخبره به والدعوى التي لا بينة لمدعيها عليها محكوم شرعا بالكذب سواء كان بحسب الواقع صدقا أو كذبا، والدليل عليه قوله في الآية التالية: " فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ".
قوله تعالى: " لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " أي لو كانوا صادقين فيما يقولون ويرمون لا قاموا عليه الشهادة وهي في الزنا بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فهم محكومون شرعا بالكذب لان الدعوى غير بينة كذب وفك.
قوله تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم " إفاضة القوم في الحديث خوضهم فيه.
وقوله: " ولولا فضل الله " الخ، عطف على قوله: " لولا إذ سمعتموه " الخ، وفيه كرة ثانية على المؤمنين، وفي تقييد الفضل الرحمة بقوله: " في الدنيا والآخرة " دلالة على كون العذاب المذكور ذيلا هو عذاب الدنيا والآخرة.