تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٨٩
للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤن مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم - 26.
(بيان) الآيات تشير إلى حديث الإفك، وقد روي أهل السنة أن المقذوفة في قصة الإفك هي أم المؤمنين عائشة، وروت الشيعة أنها مارية القبطية أم إبراهيم التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكل من الحديثين لا يخلو عن شئ على ما سيجئ في البحث الروائي الآتي.
فالاحرى أن نبحث عن متن الآيات في عزل من الروايتين جميعا غير أن من المسلم أن الإفك المذكور فيها كان راجعا إلى بعض أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما زوجه وإما أم ولده وربما لوح إليه قوله تعالى: " وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " وكذا ما يستفاد من الآيات أن الحديث كان قد شاع بينهم وأفاضوا فيه وسائر ما يومي إليه من الآيات.
والمستفاد من الآيات أنهم رموا بعض أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفحشاء، وكان الرامون عصبة من القوم فشاع الحديث بين الناس يتلقاه هذا من ذاك، وكان بعض المنافقين أو الذين في قلوبهم مرض يساعدون على إذاعة الحديث حبا منهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا فأنزل الله الآيات ودافع عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم " الخ، الإفك على ما ذكره الراغب الكذب مطلقا والأصل في معناه أنه كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه كالاعتقاد المصروف عن الحق إلى الباطل - والفعل المصروف عن الجميل إلى القبيح، والقول المصروف عن الصدق إلى الكذب، وقد استعمل في كلامه تعالى في جميع هذه المعاني.
وذكر أيضا أن العصبة جماعة متعصبة متعاضدة، وقيل: إنها عشرة إلى أربعين.
والخطاب في الآية وما يتلوها من الآيات لعامة المؤمنين ممن ظاهره الايمان أعم من المؤمن بحقيقة الايمان والمنافق ومن في قلبه مرض، وأما قول بعضهم: إن المخاطب
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست