بالخطابات الأربعة الأول أو الثاني والثالث والرابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمقذوفة والمقذوف ففيه تفكيك بين الخطابات الواقعة في الآيات العشر الأول وهي نيف وعشرون خطابا أكثرها لعامة المؤمنين بلا ريب.
وأسوأ حالا منه قول بعض آخر إن الخطابات الأربعة أو الثلاثة المذكورة لمن ساءه ذلك من المؤمنين فإنه مضافا إلى استلزامه التفكيك بين الخطابات المتوالية مجازفة ظاهرة.
والمعنى: إن الذين أتوا بهذا الكذب - واللام في الإفك لعهد - جماعة معدودة منكم مرتبط بعضهم ببعض، وفي ذلك إشارة إلى أن هناك تواطؤا منهم على إذاعة هذا الخبر ليطعنوا به في نزاهة بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويفضحوه بين الناس.
وهذا هو فائدة الخبر في قوله: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم " لا تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو تسليته وتسلية من ساءه هذا الإفك كما كره بعضهم فإن السياق لا يساعد عليه.
وقوله: " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " مقتضى كون الخطاب لعامة المؤمنين أن يكون المراد بنفي كونه شرا لهم وإثبات كونه خيرا أن المجتمع الصالح من سعادته أن يتميز فيه أهل الزيغ والفساد ليكونوا على بصيرة من أمرهم وينهضوا لا صلاح ما فسد من أعضائهم وخاصة في مجتمع ديني متصل بالوحي ينزل عليهم الوحي عند وقوع أمثال هذه الوقائع فيعظهم ويذكرهم بما هم في غفلة منه أو مساهلة حتى يحتاطوا لدينهم ويتفطنوا لما يهمهم.
والدليل على ما ذكرنا قوله بعد: " لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم " فإن الاثم هو الأثر السيئ الذي يبقي للانسان عن اقتراف المعصية فظاهر الجملة أن أهل الإفك الجائين به يعرفون بإثمه ويتميزون به عندكم فيفتضحون به بدل ما أرادوا أن يفضحوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما قول من قال: إن المراد بكونه خيرا لهم أنهم يثابون بما اتهموهم بالإفك كما أن أهل الإفك يتأثمون به فمبني على كون الخطاب للمتهمين خاصة وقد عرفت فساده.
وقوله: " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " فسروا كبره بمعنى معظمه