يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه " البقرة: 221، بدعوي أن الآية وإن كانت من العموم بعد الخصوص لكن لسانها آب عن التخصيص فتكون ناسخة بالنسبة إلى جواز النكاح بين المؤمن والمؤمنة والمشرك والمشركة، وقد ادعى بعضهم أن نكاح الكافر للمسلمة كان جائزا إلى سنة ست من الهجرة ثم نزل التحريم فلعل الآية التي نحن فيها نزلت قبل ذلك، ونزلت آية التحريم بعدها وفي الآية أقوال أخر تركنا إيرادها لظهور فسادها.
قوله تعالى: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " الخ الرمي معروف ثم استعير لنسبة أمر غير مرضي إلى الانسان كالزنا والسرقة وهو القذف، والسياق يشهد أن المراد به نسبة الزنا إلى المرأة المحصنة لعفيفة، والمراد بالاتيان بأربعة شهداء وهم شهود الزنا إقامة الشهادة لاثبات ما قذف به، وقد أمر الله تعالى بإقامة الحد عليهم إن لم يقيموا الشهادة، وحكم بفسقهم وعدم قبول شهادتهم أبدا.
والمعنى: والذين يقذفون المحصنات من النساء بالزنا ثم لم يقيموا أربعة من الشهود على صدقهم في قذفهم فاجلدوهم ثمانين جلدة على قذفهم وهم فاسقون لا تقبلوا شهادتهم على شئ أبدا.
والآية كما ترى مطلقة تشمل من القاذف الذكر والأنثى والحر والعبد، وبذلك تفسرها روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام.
قوله تعالى: " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " الاستثناء راجع إلى الجملة الأخيرة وهي قوله: " وأولئك هم الفاسقون " لكنها لما كانت تفيد معنى التعليل بالنسبة إلى قوله: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " - على ما يعطيه السياق - كان لازم ما تفيده من ارتفاع الحكم بالفسق ارتفاع الحكم بعدم قبول الشهادة أبدا، ولازم ذلك رجوع الاستثناء بحسب المعنى إلى الجملتين معا.
والمعنى: إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا أعمالهم فإن الله غفور رحيم يغفر ذنبهم ويرحمهم فيرتفع عنهم الحكم بالفسق والحكم بعدم قبول شهادتهم أبدا.
وذكر بعضهم: أن الاستثناء راجع إلى الجملة الأخيرة فحسب فلو تاب القاذف