من غير قيام بينة من المؤمنين والمؤمنات، ومن لواضح أن البراءة المناسبة لهذا المعنى هي البراءة الشرعية.
والحق أن لا مناص عن هذا الاشكال إلا بالقول بأن آية القذف لم تكن نازلة قبل حديث الإفك وإنما نزلت بعده، وإنما كان سبب توقفه صلى الله عليه وآله وسلم خلو الواقعة عن حكم الله بعد فكان ينتظر في أمر الإفك الحكم السماوي.
ومن أوضح الدليل عليه ما في الرواية من استعذار النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القاذف في المسجد وقول سعد بن معاذ ما قال ومجادلة سعد بن عبادة إياه واختلاف الأوس والخزرج بمحضر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي رواية عمر بعد ما ذكر اختلاف ابن معاذ وابن عبادة: فقال هذا: يا للأوس وقال هذا: يا للخزرج فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا، الحديث فلو كانت آية القذف نازلة قبل ذلك وحكم الحد معلوما لم يجب سعد بن معاذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه يعذره منه بالقتل ولقال هو وسائر لناس: يا رسول الله حكم القذف معلوم ويدك مبسوطة.
وثالثها: أنها تصرح بكون أصحاب الإفك هم عبد الله بن أبي ومسطحا وحسانا وحمنة ثم تذكر أنه صلى الله عليه وآله وسلم حد عبد الله بن أبي حدين وكلا من مسطح وحسان وحمنة حدا وأحدا، ثم تعلل حدي عبد الله بن أبي بأن من قذف أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعليه حدان، وهذا تناقض صريح فإنهم جميعا كانوا قاذفين بلا فرق بينهم.
نعم تذكر الروايات أن عبد الله بن أبي كان هو الذي تولى كبره منهم لكن لم يقل أحد من الأمة أن هذا الوصف يوجب حدين. ولا أن المراد بالعذاب العظيم في قوله: " الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " هو ثبوت حدين.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم " الآية فإن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة.
حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله صلى الله وآله وسلم حزن عليه حزنا شديدا فقالت عائشة: ما الذي