الزاني إذا اشتهر منه الزنا وأقيم عليه الحد ولم تتبين منه التوبة يحرم عليه نكاح غير الزانية والمشركة، والزانية إذا اشتهر منها الزنا وأقيم عليه الحد ولم تتبين منه التوبة يحرم أن ينكحها إلا زان أو مشرك.
فالآية محكمة باقية على إحكامها من غير نسخ ولا تأويل، وتقييدها بإقامة الحد وتبين التوبة مما يمكن أن يستفاد من والسياق فإن وقوع الحكم بتحريم النكاح بعد الامر بإقامة الحد يلوح إلى أن المراد به الزاني والزانية المجلودان، وكذا إطلاق الزاني والزانية على من ابتلي بذلك ثم تاب توبة نصوحا وتبين منه ذلك، بعيد من دأب القرآن وأدبه.
وللمفسرين في معنى الآية تشاجرات طويلة وأقوال شتى:
منها: أن الكلام مسوق للاخبار عما من شأن مرتكبي هذه الفاحشة أن يقصدوه وذلك أن من خبثت فطرته لا يميل إلا إلى من يشابهه في الخباثة ويجانسه في الفساد والزاني لا يميل إلا إلى الزانية المشاركة لها في الفحشاء ومن هو أفسد منها وهي المشركة، والزانية كذلك لا تميل إلا إلى مثلها وهو الزاني ومن هو أفسد منه وهو المشرك فالحكم وارد مورد الأعم الأغلب كما قيل في قوله تعالى: " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات " الآية 26 من السورة.
ومنها: أن المراد بالآية التقبيح، والمعنى: أن اللائق بحال الزاني أن لا ينكح إلا زانية أو من هي دونها وهي المشركة واللائق بحال الزانية أن لا ينكحها إلا زان أو من هو دونه وهو المشرك، والمراد بالنكاح العقد، وقوله: " وحرم ذلك على المؤمنين " معطوف على أول الآية، والمراد وحرم الزنا على المؤمنين.
وفيه وفي سابقه مخالفتهما لسياق الآية وخاصة اتصال ذيلها بصدرها كما تقدمت الإشارة إليه.
ومنها: أن الآية منسوخة بقوله تعالى: " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ".
وفيه أن النسبة بين الآيتين نسبة العموم والخصوص والعام الوارد بعد الخاص لا ينسخه خلافا لمن قال به نعم ربما أمكن أن يستفاد النسخ من قوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك