تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٩٠
إبراهيم عليه السلام ابن آزر لصلبه وقد تقدم في قصته عليه السلام من سورة الأنعام فساد القول به وأن الآيات ناصة على خلافه.
وأما إذا أخذ الاستثناء منقطعا فقوله: " إلا من أتى الله بقلب سليم " بضميمة قوله تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " الأنبياء: 28. دليل على كون الاستغفار قبل موته كما لا يخفى.
قوله تعالى: " وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين " الازلاف التقريب والتبريز الاظهار، وفي المقابلة بين المتقين والغاوين واختيار هذين الوصفين لهاتين الطائفتين إشارة إلى ما قضي به الله سبحانه يوم رجم إبليس عند إبائه أن يسجد لآدم كما ذكر في سورة الحجر " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعودهم أجمعين - إلى أن قال - إن المتقين في جنات وعيون " الحجر: 45.
قوله تعالى: " وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله ينصرونكم أو ينتصرون " أي هل يدفعون الشقاء والعذاب عنكم أو عن أنفسهم، والمحصل أنه يتبين لهم أنهم ضلوا في عبادتهم غير الله.
قوله تعالى: " فكبكبوا فيها هم والغاون وجنود إبليس أجمعون " يقال: كبه فانكب أي ألقاه على وجهه وكبكبه أي ألقاه على وجهه مرة بعد أخرى فهو يفيد تكرار الكب كدب ودبدب وذب وذبذب وزل وزلزل ودك ودكدك.
وضمير الجمع في قوله: " فكبكبوا فيها هم " للأصنام كما يدل عليه قوله: " انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الأنبياء: 98 وهؤلاء إحدي الطوائف الثلاث التي تذكر الآية أنها تكبكب في جهنم " يوم القيامة، والطائفة الثانية الغاوون المقضي عليهم ذلك كما في آية الحجر المنقولة آنفا، والطائفة الثالثة جنود إبليس وهم قرناء الشياطين الذين يذكر القرآن أنهم لا يفارقون أهل الغواية حتى يدخلوا النار، قال تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين - إلى أن قال - ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " الزخرف: 39.
قوله تعالى: " قالوا وهم فيها يختصمون - إلى قوله - إلى المجرمون " الظاهر أن القائلين هم الغاوون، والاختصام واقع بينهم يخاصمون أنفسهم والشياطين على ما
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست