تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٧٣
بشئ مبين شئ يبين ويظهر صحة دعواه وهو آية الرسالة التي تدل على صحة دعوى الرسالة من مدعية فإن الآية المعجزة إنما تدل على صدق الرسول في دعواه الرسالة وأما المعارف الإلهية التي يدعو إليها كالتوحيد والمعاد وما يتعلق بهما فالسبيل إلى إثباته الحجة البرهانية وعلى ذلك كانت تجري سيرة الأنبياء في دعوتهم وقد تقدم كلام فيه في الجزء الأول من الكتاب.
والمعنى: قال موسى: أتجعلني من المسجونين ولو أتيتك بشئ يوضح صدقي فيما ادعيت من الرسالة.
قوله تعالى: " قال فأت به إن كنت من الصادقين " القائل فرعون وقد فرع أمره بإتيانه على استفهام موسى المشعر بأنه يدعي أن عنده شيئا مبينا ولذا قيد الامر بالاتيان بقوله: " إن كنت من الصادقين " أي إن كنت صادقا في أن عندك شيئا كذلك.
قوله تعالى: " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين " هاتان الآيتان اللتان أوتيهما موسى ليلة الطور، والثعبان: الحية العظيمة وكونه مبينا ظهور واقعيته بحيث لا يرتاب فيه، والمراد بنزع يده نزعه من جيبه بعد وضعها فيه كما في سورتي: النمل الآية 12 والقصص الآية 32.
قوله تعالى: " قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون " القائل فرعون وقد قال لموسى: " فأت به إن كنت من الصادقين " رجاء أن يأتي بأمر فيه موضع معارضة ومناقشة فلما أتى بما لا مغمض فيه لم يجد بدا دون أن يبهت بأنه ساحر عليم.
ولذا اتبع رميه بالسحر بقوله: " يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره " إغراء لهم عليه وحثا لهم على أن يتفقوا معه على دفعه بأي وسيلة ممكنة.
وقوله: " فماذا تأمرون " لعل المراد بالامر الإشارة عليه لما أن المشير يشير على من يستشيره بلفظ الامر فالمعنى إذا كان الشأن هذا فماذا تشيرون علي أن أعامله به حتى أعمل به وذلك أنه كان يرى نفسه ربهم الاعلى ويراهم عبيده ولا يناسب ذلك حمل الامر على معناه المتعارف.
(٢٧٣)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست