ويؤيده تصدير قصة إبراهيم عليه السلام بقوله: " واتل عليهم نبأ إبراهيم ".
قوله تعالى: " وإذ نادي ربك موسى - إلى قوله - ألا يتقون " أي واذكر وقتا نادى فيه ربك موسى وبعثه الرسالة إلى قوم فرعون لانجاء بني إسرائيل على ما فصله في سورة طه وغيرها.
وقوله: " أن ائت القوم الظالمين " نوع تفسير للنداء، وتوصيفهم أولا بالظالمين ثم بيانه ثانيا بقوم فرعون للإشارة إلى حكمة الارسال وهي ظلمهم بالشرك وتعذيب بني إسرائيل كما في سورة طه من قوله: " إذهبا إلى فرعون إنه طغى - إلى أن قال - فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم " طه: 47.
وقوله: " ألا يتقون " بصيغة الغيبة، وهو توبيخ غيابي منه تعالى لهم وإيراده في مقام عقد الرسالة لموسى عليه السلام في معنى قولنا: قل لهم إن ربي يوبخكم على ترك التقوى ويقول: ألا تتقون.
قوله تعالى: " قال رب إني أخاف أن يكذبون - إلى قوله - فأرسل إلى هارون "، قال في مجمع البيان: الخوف انزعاج النفس بتوقع الضر ونقيضه الامن وهو سكون النفس إلى خلوص النفع، انتهى. وأكثر ما يطلق الخوف على إحساس الشر بحيث يؤدي إلى الاتقاء عملا وإن لم تضطرب النفس، والخشية على تأثر النفس من توقع الشر بحيث يورث الاضطراب والقلق، ولذا نفى الله الخشية من غيره عن أنبيائه وربما أثبت الخوف فقال: " ولا يخشون أحدا إلا الله " الأحزاب: 39، وقال: " وإما تخافن منهم خيانة " الأنفال: 58.
وقوله: " إني أخاف أن يكذبون " أي ينسبني قوم فرعون إلى الكذب، وقوله:
" ويضيق صدري ولا ينطلق لساني " الفعلان مرفوعان وهما معطوفان على قوله:
" أخاف " فالذي اعتل به أمور ثلاثة: خوف التكذيب وضيق الصدر وعدم انطلاق اللسان، وفي قراءة يعقوب وغيره يضيق وينطلق بالنصب عطفا على " يكذبون " وهو أوفق بطبع المعنى، وعليه فالعلة واحدة وهي خوف التكذيب الذي يترتب عليه ضيق الصدر وعدم انطلاق اللسان. ويطابق ما سيجئ من آية القصص من ذكر علة واحدة هي خوف التكذيب