تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢٣٤
مستقلة متفرعة على ما قبلها والفاء للتفريع ثم الباء في " به " للصلة أو بمعنى عن والضمير راجع إليه تعالى أو إلى ما تقدم من الخلق والاستواء.
وقيل: " خبيرا " حال عن الضمير وهو راجع إليه تعالى، والمعنى فاسأل الله حال كونه خبيرا وقيل مفعول فاسأل والباء بمعنى عن والمعنى فاسأل عن الرحمن أو عن حديث الخلق والاستواء خبيرا، والمراد بالخبير هو الله سبحانه، وقيل جبريل وقيل: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قيل: من قرأ الكتب السماوية القديمة ووقف على صفاته وأفعاله تعالى وكيفية الخلق والايجاد، وقيل: كل من كان له وقوف على هذه الحقائق.
وهذه الوجوه المتشتتة جلها أو كلها لا تلائم ما يعطيه سياق الآيات الكريمة ولا موجب للتكلم عليها والغور فيها.
قوله تعالى: " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا " هذا فصل آخر من معاملتهم السوء مع الرسول ودعوته الحقة يذكر فيه استكبارهم عن السجود لله سبحانه إذا دعوا إليه ونفورهم منه وللآية اتصال خاص بما قبلها من حيث ذكر الرحمن فيها وقد وصف في الآية السابقة بما وصف ولعل اللام فيه للعهد.
فقوله: " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن " الضمير للكفار، والقائل هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل قوله بعد: " أنسجد لما تأمرنا " ولم يذكر اسمه ليتوجه استكبارهم إلى الله سبحانه وحده.
وقوله: " قالوا وما الرحمن " سؤال منهم عن هويته ومائيته مبالغة منهم في التجاهل به استكبارا منهم على الله ولولا ذلك لقالوا: ومن الرحمن، وهذا كقول فرعون لموسى لما دعاه إلى رب العالمين: " وما رب العالمين " الشعراء: 23، وقول إبراهيم لقومه: " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " الأنبياء: 52، ومراد السائل في مثل هذا السؤال أنه لا معرفة له من المسؤول عنه بشئ أزيد من اسمه كقول هود لقومه: " أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم " الأعراف: 71.
وقوله حكاية عنهم: " أنسجد لما تأمرنا " في تكرار التعبير عنه تعالى بما إصرار على الاستكبار، والتعبير عن طلبه عنهم السجدة بالامر لا يخلو من تهكم واستهزاء.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست