تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٩٦
السلام في قوله تعالى: " وبئر معطلة وقصر مشيد " قالا البئر المعطلة الامام الصامت والقصر المشيد الامام الناطق.
وفي الدر المنثور أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نصر السجزي في الإبانة والبيهقي في شعب الايمان والديلمي في مسند الفردوس عن عبد الله بن جراد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الأعمى من يعمى بصره ولكن الأعمى من تعمى بصيرته.
وفي الكافي بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك.
أقول: وفي هذا المعنى روايات أخرى. والمراد بمعاينة الملك على ما في غيره من الروايات نزول الملك عليه وظهوره له وتكليمه بالوحي، وقد تقدم بعض هذه الروايات في أبحاث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب.
وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " ألقى الشيطان على لسانه " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي " قالوا: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا.
ثم جاء جبريل بعد ذلك قال: أعرض علي ما جئتك به فلما بلغ " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي " قال جبريل لم آتك بهذا.
هذا من الشيطان فأنزل الله " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ". الآية.
أقول: الرواية مروية بطرق عديدة عن ابن عباس وجمع من التابعين وقد صححها جماعة منهم الحافظ ابن حجر.
لكن الأدلة القطعية على عصمته صلى الله عليه وآله وسلم تكذب متنها وإن فرضت صحة سندها فمن الواجب تنزيه ساحته المقدسة عن مثل هذه الخطيئة مضافا إلى أن الرواية تنسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم أشنع الجهل وأقبحه فقد تلى " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي " وجهل أنه ليس من كلام الله ولا نزل به جبريل، وجهل أنه كفر صريح يوجب الارتداد ودام على جهة حتى سجد وسجدوا في آخر السورة ولم يتنبه ثم دام على جهله
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست