تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٤٠٧
ذلك على الله يسير " تعليل لعلمه تعالى بما يعملون أي أن ما يعملون بعض ما في السماء والأرض وهو يعلم جميع ما فيهما فهو يعلم بعملهم.
وقوله: " إن ذلك في كتاب " تأكيد لما تقدمه أي إن ما علمه من شئ مثبت في كتاب فلا يزول ولا ينسى ولا يسهو فهو محفوظ على ما هو عليه حين يحكم بينهم، وقوله: " إن ذلك على الله يسير " أي ثبت ما يعلمه في كتاب محفوظ هين عليه.
قوله تعالى: " ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم " الخ الباء في " به " بمعنى مع، والسلطان البرهان والحجة والمعنى ويعبد المشركون من دون الله شيئا - وهو ما اتخذوه شريكا له تعالى - لم ينزل الله معه حجة حتى يأخذوها ويحتجوا بها ولا أن لهم به علما.
قيل إنما أضاف قوله: " وما ليس لهم به علم " على قوله: " ما لم ينزل به سلطانا " لان الانسان قد يعلم أشياء من غير حجة ودليل كالضروريات.
وربما فسر نزول السلطان بالدليل السمعي ووجود العلم بالدليل العقلي أي يعبدون من دون الله ما لم يقم عليه دليل من ناحية الشرع ولا العقل، وفيه أنه لا دليل عليه وتنزيل السلطان كما يصدق على تنزيل الوحي على النبي كذلك يصدق على تنزيل البرهان على القلوب.
وقوله: " وما للظالمين من نصير " قيل: هو تهديد للمشركين والمراد أنه ليس لهم ناصر ينصرهم فيمنعهم من العذاب.
والظاهر - على ما يعطيه السياق - أنه في محل الاحتجاج على أن ليس لهم برهان على شركائهم ولا علم، بأنه لو كان لهم حجة أو علم لكان لهم نصير ينصرهم إذ البرهان نصير لمن يحتج به والعلم نصير للعالم لكنهم ظالمون وما للظالمين من نصير فليس لهم برهان ولا علم، وهذا من ألطف الاحتجاجات القرآنية.
قوله تعالى: " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون " الخ المنكر مصدر ميمي بمعنى الانكار، والمراد بمعرفة الانكار في وجوههم معرفة أثر الانكار والكراهة، و " يسطون " من السطوة وهي على ما في مجمع البيان: إظهار الحال الهائلة للإخافة يقال: سطا عليه يسطو سطوة وسطاعة والانسان مسطو عليه، والسطوة والبطشة بمعنى. انتهى.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست