حتى نزل عليه جبريل وأمره أن يعرض عليه السورة فقرأها عليه وأعاد الجملتين وهو مصر على جهله حتى أنكره عليه جبريل ثم أنزل عليه آية تثبت نظير هذا الجهل الشنيع والخطيئة الفضيحة لجميع الأنبياء والمرسلين وهي قوله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ".
وبذلك يظهر بطلان ما ربما يعتذر دفاعا عن الحديث بأن ذلك كان سبقا من لسان دفعة بتصرف من الشيطان سهوا منه عليه السلام وغلطا من غير تفطن. فلا متن الحديث على ما فيه من تفصيل الواقعة ينطبق على هذه المعذرة، ولا دليل العصمة يجوز مثل هذا السهو والغلط.
على أنه لو جاز مثل هذا التصرف من الشيطان في لسانه صلى الله عليه وآله وسلم بإلقاء آية أو آيتين في القرآن الكريم لارتفع الامن عن الكلام الإلهي فكان من الجائز حينئذ أن يكون بعض الآيات القرآنية من إلقاء الشيطان ثم يلقي نفس هذه الآية " وما أرسلنا من ن رسول ولا نبي " الآية فيضعه في لسان النبي وذكره فيحسبها من كلام الله الذي نزل به جبريل كما حسب حديث الغرانيق كذلك فيكشف بهذا عن بعض ما ألقاه وهو حديث الغرانيق سترا على سائر ما ألقاه.
أو يكون حديث الغرانيق من الكلام الله وآية " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي " الخ، وجميع ما ينافي الوثنية من كلام الشيطان ويستر بما ألقاه من الآية وأبطل من حديث الغرانيق على كثير من إلقاءاته في خلال الآيات القرآنية، وبذلك يرتفع الاعتماد والوثوق بكتاب الله من كل جهة وتلغو الرسالة والدعوة النبوية بالكلية جلت ساحة الحق من ذلك.
* * * والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين (58) - ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم (59) - ذلك ومن عاقب بمثل ما