تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٩٩
الحق وأن له ما في السماوات والأرض وهي في معنى أربعة أسماء أعني المحيي المميت الحق المالك أو الملك فتلك عشرون اسما من أسمائه اجتمعت في الآيات الثمان على ألطف وجه وأبدعه.
قوله تعالى: " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا " لما ذكر إخراج المهاجرين من ديارهم ظلما عقبه بذكر ما يثيبهم به على مهاجرتهم ومحنتهم في سبيل الله وهو وعد حسن برزق حسن.
وقد قيد الهجرة بكونها في سبيل الله لان المثوبة إنما تترتب على صالح العمل، وإنما يكون العمل صالحا عند الله بخلوص النية فيه وكونه في سبيله لا في سبيل غيره من مال أو جاه أو غيرهما من المقاصد الدنيوية، وبمثل ذلك يتقيد قوله: " ثم قتلوا أو ماتوا " أي قتلوا في سبيل الله أو ماتوا وقد تغربوا في سبيل الله.
وقوله: " وإن الله لهو خير الرازقين " ختم للآية يعلل به ما ذكر فيها من الرزق الحسن وهو النعمة الأخروية إذ موطنها بعد القتل والموت، وفي الآية إطلاق الرزق على نعم الجنة كما في قوله: " أحياء عند ربهم يرزقون " آل عمران: 169.
قوله تعالى: " ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم " المدخل بضم الميم وفتح الخاء اسم مكان من الادخال، واحتمال كونه مصدرا ميميا لا يناسب السياق تلك المناسبة.
وتوصيف هذا المدخل وهو الجنة بقوله: " يرضونه " والرضا مطلق، دليل على اشتمالها على أقصى ما يريده الانسان كما قال: " لهم فيها ما يشاؤن " الفرقان: 16.
وقوله: " ليدخلنهم مدخلا يرضونه " بيان لقوله: " ليرزقنهم الله رزقا حسنا " وإدخاله إياهم مدخلا يرضونه ولا يكرهونه على الرغم من إخراج المشركين إياهم إخراجا يكرهونه ولا يرضونه ولذا علله بقوله: " وإن الله لعليم حليم " أي عليم بما يرضيهم فيعده لهم إعدادا حليم فلا يعاجل؟؟ العقوبة لأعدائهم الظالمين لهم.
قوله تعالى: " ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور " ذلك خبر لمبتدأ محذوف أي الامر ذلك الذي أخبرناك به وذكرناه لك، والعقاب مؤاخذة الانسان بما يكرهه بإزاء فعله ما لا يرتضيه المعاقب وإنما سمي
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست