التي يلتذ بها أمنية والأصل في معناه المني بالفتح فالسكون بمعنى التقدير وقيل:
ربما جاء بمعنى القراءة والتلاوة يقال تمنيت الكتاب أي قرأته. والالقاء في الأمنية المداخلة فيها بما يخرجها عن صرافتها ويفسد أمرها.
ومعنى الآية على أول المعنيين وهو كون التمني هو تمني القلب: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى وقدر بعض ما يتمناه من توافق الأسباب على تقدم دينه وإقبال الناس عليه وإيمانهم به ألقى الشيطان في أمنيته وداخل فيها بوسوسة الناس وتهييج الظالمين وإغراء المفسدين فأفسد الامر على ذلك الرسول أو النبي وأبطل سعيه فينسخ الله ويزيل ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته بإنجاح سعى الرسول أو النبي وإظهار الحق والله عليم حكيم.
والمعنى: على ثاني المعنيين وهو كون التمني بمعنى القراءة والتلاوة وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تلا وقرء آيات الله ألقى الشيطان شبها مضلة على الناس بالوسوسة ليجادلوه بها ويفسدوا على المؤمنين إيمانهم فيبطل الله ما يلقيه الشيطان من الشبه ويذهب به بتوفيق النبي لرده أو بإنزال ما يرده. وفي الآية دلالة واضحة على اختلاف معنى النبوة والرسالة لا بنحو العموم والخصوص مطلقا كما اشتهر بينهم أن الرسول هو من بعث وأمر بالتبليغ والنبي من بعث سواء أمر بالتبليغ أم لا، إذ لو كان كذلك لكان من الواجب أن يراد بقوله في الآية: " ولا نبي " غير الرسول أعني من لم يؤمر بالتبليغ، وينافيه قوله: " وما أرسلنا ".
وقد قدمنا في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب ما يدل من روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام أن الرسول هو من ينزل عليه الملك بالوحي فيراه ويكلمه والنبي هو من يرى المنام ويوحى إليه فيه، وقد استفدناه مضمون هذه الروايات من قوله تعالى: " قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " أسرى: 95 في الجزء الثالث عشر من الكتاب.
وأما سائر ما قيل في الفرق بين الرسالة والنبوة كقول من قال إن الرسول من بعث بشرع جديد والنبي أعم منه وممن جاء مقررا لشرع سابق ففيه أنا قد أثبتنا في مباحث النبوة أن الشرائع الإلهية لا تزيد على خمسة وهي شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم، وقد صرح القرآن على رسالة جمع كثير