تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٥
معبود من دون الله، ونقض ابن الزبعرى ذلك بعيسى وعزير والملائكة وهذا من ورود البيان بعد وقت الحاجة وأشد تأييدا لوقوع التهمة.
ورابعا: اشتماله على نزول قوله: ولما ضرب ابن مريم مثلا الآية في الواقعة ولا ارتباط لمضمونها بها أصلا.
ونظيره ما شاع بينهم أن ابن الزبعرى اعترض بذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له:
يا غلام ما أجهلك بلغة قومك لأني قلت: وما تعبدون، وما لم يعقل، ولم أقل:
ومن تعبدون.
وفيه من الخلل ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: إني قلت كذا ولم أقل كذا ومن الواجب أن يجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن يتلفظ في آية قرآنية بمثل " قلت كذا ولم أقل كذا " ونقل عن الحافظ ابن حجر أن الحديث لا أصل له ولم يوجد في شئ من كتب الحديث لا مسند ولا غير مسند.
ونظيره في الضعف ما ورد في حديث آخر يقص هذه القصة أن ابن الزبعرى قال: أأنت قلت ذلك؟ قال: نعم قال: قد خصمتك ورب الكعبة أليس اليهود عبدوا عزيرا والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك فأنزل الله: أن الذين سبقت لهم منا الحسنى " الحديث وذلك أن الحجة المنسوبة إليه صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث تنفع ابن الزبعرى أكثر مما تضره فإن الحجة كما تخرج عزيرا وعيسى والملائكة عن شمول الآية كذلك تخرج الالهة التي هي أصنام فإنها تشارك المذكورين في أنها لا خبر لها عن عبادة عابديها ولا رضى منها بذلك إذ لا شعور لها فتختص الآية بالشياطين ولا تشمل الأصنام وهو خلاف ما نسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم من دعوى شمول الآية لآلهتهم وتصديقه.
ونظيره في الضعف ما في الدر المنثور عن البزار عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " ثم نسخها قوله:
" إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون.
ووجه الضعف ظاهر ولو كان هناك شئ فهو التخصيص.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست