تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٩
أخي، وهو من أهلي، وزيرا لي سبحناك كثيرا وذكرناك كثيرا، وهذا الوجه أحسن من سابقه لأنه يفي ببيان النكتة في ذكر الاهل في قوله السابق: " واجعل لي وزيرا.
من أهلي هارون أخي " أيضا فافهم ذلك.
قوله تعالى: " قال قد أوتيت سؤلك يا موسى " إجابة لأدعيته جميعا وهو إنشاء نظير ما مر من قوله: " وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ".
قوله تعالى: " ولقد مننا عليك مرة أخرى - إلى قوله - كي تقر عينها ولا تحزن " يذكره تعالى بمن آخر له عليه قبل أن يختاره للنبوة والرسالة ويؤتي سؤله وهو منه عليه حينما تولد فقد كان بعض الكهنة أخبر فرعون أن سيولد في بني إسرائيل مولود يكون بيده زوال ملكه فأمر فرعون بقتل كل مولود يولد فيهم فكانوا يقتلون المواليد الذكور حتى إذا ولد موسى أوحى الله إلى أمه أن لا تخاف وترضعه فإذا خافت عليه من عمال فرعون وجلاوزته تقذفه في تابوت فنقذفه في النيل فيلقيه اليم إلى الساحل حيال قصر فرعون فيأخذه فيتخذه ابنا له وكان لا عقب له ولا يقتله ثم إن الله سيرده إليها.
ففعلت كما أوحي إليها فلما جرى التابوت بجريان النيل أرسلت بنتا لها وهي أخت موسى أن تجس أخباره فكانت تطوف حول قصر فرعون حتى وجدت نفرا يطلبون بأمر فرعون مرضعا ترضع موسى فدلتهم أخت موسى على أمها فاسترضعوها له فأخذت ولدها وقرت به عينها وصدق الله وعده وقد عظم منه على موسى.
فقوله: " ولقد مننا عليك مرة أخرى " امتنان بما صنعه به أول عمره وقد تغير السياق من التكلم وحده إلى التكلم بالغير لان المقام مقام إظهار العظمة وهو ينبئ عن ظهور قدرته التامة بتخييب سعى فرعون الطاغية وإبطال كيده لاخماد نور الله ورد مكره إليه وتربية عدوه في حجره، وأما موقف نداء موسى وتكليمه إذ قال: " يا موسى إني أنا ربك " الخ فسياق التكلم وحده أنسب له.
وقوله: " إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى " المراد به الالهام وهو نوع من القذف في القلب في يقظة أو نوم، والوحي في كلامه تعالى لا ينحصر في وحي النبوة كما قال تعالى: " وأوحى ربك إلى النحل " النحل: 68، وأما وحي النبوة فالنساء لا يتنبأن
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست