تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٥
وقوله: " آية أخرى " حال من ضمير تخرج وفيه إشارة إلى أن صيرورة العصا حية آية أولى واليد البيضاء آية أخرى وقال تعالى في ذلك: " فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه " القصص: 32.
قوله تعالى: " لنريك من آياتنا الكبرى " اللام للتعليل والجملة متعلقة بمقدر كأنه قيل: أجرينا ما أجرينا على يدك لنريك بعض آياتنا الكبرى.
قوله تعالى: " أذهب إلى فرعون إنه طغى " هذا هو أمر الرسالة وكانت الآيات السابقة: " وما تلك بيمينك " الخ مقدمة له.
قوله تعالى: " قال رب اشرح لي صدري - إلى قوله - إنك كنت بنا بصيرا " الآيات - وهي إحدى عشرة آية - متن ما سأله موسى عليه السلام ربه حين سجل عليه حكم الرسالة وهي بظاهرها مربوطة بأمر رسالته لأنه أحوج ما يكون إليها في تبليغ الرسالة إلى فرعون وملائه وإنجاء بني إسرائيل وإدارة أمورهم لا في أمر النبوة.
ويؤيد ذلك أنه لم يسأل بعد إتمام أمر النبوة في الآيات الثلاث السابقة بل إنما بادر إلى ذلك بعد ما ألقى إليه قوله: " أذهب إلى فرعون إنه طغى " وهو أمر الرسالة.
نعم الآيات الأربع الأول: " رب اشرح لي صدري " الخ، لا يخلو من ارتباط في الجملة بأمر النبوة وهي تلقي عقائد الدين وأحكامه العملية عن ساحة الربوبية.
فقوله: " رب اشرح لي صدري " والشرح البسط والجملة من الاستعارة التخييلية والاستعارة بالكناية كأن صدر الانسان وقد استكن فيه القلب وعاء يعي ما يرد عليه من طريق المشاهدة والادراك ثم يختزن فيه السر وإذا كان أمرا عظيما يشق على الانسان أو هو فوق طاقته ضاق عنه الصدر فلم يسعه واحتاج إلى انشراح حتى يسعه.
وقد استعظم موسى ما سجل عليه ربه من أمر الرسالة وقد كان على علم بما عليه أمة القبط من الشوكة والقوة وعلى رأس هذه الأمة المتجبرة فرعون الطاغي الذي كان ينازع الله في ربوبيته وينادي أنا ربكم الاعلى، وكان يذكر ما عليه بنو إسرائيل من الضعف والأسارة بين آل فرعون ثم الجهل وانحطاط الفكر، وكان كأنه يرى ما ستجره إليه هذه الدعوة من الشدائد والمصائب ويشاهد ما سيعقبه تبليغ هذه الرسالة
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست