فالبحث فيه خارج عن غرض الكتاب وإنما نبحث عن المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه لعلي عليه السلام: " وأشركه في أمري " طبقا لدعاء موسى عليه السلام المحكي في الكتاب العزيز فإن له مساسا بما فهمه صلى الله عليه وآله وسلم من لفظ الآية والحديث صحيح مؤيد بحديث المنزلة المتواتر (1).
فمراده صلى الله عليه وآله وسلم بالامر في قوله: " وأشركه في أمري " ليس هو النبوة قطعا لنص حديث المنزلة باستثناء النبوة، وهو الدليل القاطع على أن مراد موسى بالامر في قوله: " وأشركه في أمري " ليس هو النبوة وإلا بقي قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أمري " بلا معنى يفيده.
وليس المراد بالامر هو مطلق الارشاد والدعوة إلى الحق - كما ذكره - قطعا لأنه تكليف يقوم به جميع الأمة ويشاركه فيه غيره وحجة الكتاب والسنة قائمة فيه كأمثال قوله تعالى: " قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " يوسف:
108، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم - وقد رواه العامة والخاصة -: فليبلغ الشاهد الغائب، وإذا كان أمرا مشتركا بين الجميع فلا معنى لسؤال إشراك علي فيه.
على أن الإضافة في قوله: " أمري " تفيد الاختصاص فلا يصدق على ما هو مشترك بين الجميع، ونظير الكلام يجري في قول موسى المحكي في الآية.
نعم التبليغ الابتدائي وهو تبليغ الوحي لأول مرة أمر يختص بالنبي فليس له أن يستنيب لتبليغ أصل الوحي رجلا آخر، فالاشراك فيه إشراك في أمره وفي قول موسى ما يشهد بذلك إذ يقول: " وأخي هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني " إذ ليس المراد بتصديقه إياه أن يقول: صدق أخي بل أن يوضح ما أبهم من كلامه ويفصل ما أجمل ويبلغ عنه بعض الوحي الذي كان عليه أن يبلغه.
فهذا النوع من التبليغ وما معه من آثار النبوة كافتراض الطاعة مما يختص بالنبي والاشراك فيها إشراك في أمره، فهذا المعنى هو المراد بالامر في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم وهو المراد .