تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٥٠
ولا يوحى إليهن بذلك قال تعالى: " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى " يوسف: 109 وقوله: " أن اقذفيه في التابوت " إلى آخر الآية هو مضمون ما أوحى إلى أم موسى و " أن " للتفسير، وقيل: مصدرية متعلق بأوحي والتقدير أوحي بأن اقذفيه، وقيل: مصدرية والجملة بدل من " ما يوحى ".
والتابوت الصندوق وما يشبهه والقذف الوضع والالقاء وكأن القذف الأول في الآية بالمعنى الأول والقذف الثاني بالمعنى الثاني ويمكن أن يكونا معا بالمعنى الثاني بعناية أن وضع الطفل في التابوت وإلقاءه في اليم إلقاء وطرح له من غير أن يعبأ بحاله، واليم البحر: وقيل: البحر العذب، والساحل شاطئ البحر وجانبه من البر، والصنع والصنيعة الاحسان.
وقوله: " فليلقه اليم " أمر عبر به إشارة إلى تحقق وقوعه ومفاده أنا أمرنا اليم بذلك أمرا تكوينيا فهو واقع حتما مقضيا، وكذا قوله: " يأخذه عدو لي " الخ وهو جزاء مترتب على هذا الامر.
ومعنى الآيتين إذ أوحينا وألهمنا أمك بما يوحى ويلهم وهو أن ضعيه - أو ألقيه - في التابوت وهو الصندوق فألقيه في اليم والبحر وهو النيل فمن المقضي من عندنا أن يلقيه البحر بالساحل والشاطئ يأخذه عدو لي وعدو له وهو فرعون لأنه كان يعادي الله بدعوى الألوهية ويعادي موسى بقتله الأطفال وكان طفلا هذا ما أوحيناه إلى أمك.
وقوله: " وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني " ظاهر السياق أن هذا الفصل إلى قوله: " ولا تحزن " فصل ثان تال للفصل السابق متمم له والمجموع بيان للمن المشار إليه بقوله: " ولقد مننا عليك مرة أخرى ".
فالفصل الأول يقص الوحي إلى أمه بقذفه في التابوت ثم في البحر لينتهى إلى فرعون فيأخذه عدو الله وعدوه والفصل الثاني يقص إلقاء المحبة عليه لينصرف فرعون عن قتله ويحسن إليه حتى ينتهى الامر إلى رجوعه إلى امه واستقراره في حجرها لتقر عينها ولا تحزن وقد وعدها الله ذلك كما قال في سورة القصص: " فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق " القصص: 13، ولازم هذا المعنى
(١٥٠)
مفاتيح البحث: سورة القصص (1)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست