تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٣
ويعرضون عن عبادة ربهم فلا يصرفنك عنها حتى تنصرف فتهلك.
ولعل الاتيان في قوله: " واتبع هواه " بصيغة الماضي مع كون المعطوف عليه بصيغة المضارع للتلويح إلى علية اتباع الهوى لعدم الايمان. قوله تعالى: " وما تلك بيمينك يا موسى شروع في وحى الرسالة وقد تم وحي النبوة في الآيات الثلاث الماضية والاستفهام للتقرير، سئل عليه السلام عما في يده اليمنى وكانت عصاه، ليسميها ويذكر أوصافها فيتبين أنها جماد لا حياة له حتى يأخذ تبديلها حية تسعى مكانه في نفسه عليه السلام.
والظاهر أن المشار إليه بقوله: " تلك " العودة أو الخشبة، ولولا ذلك لكان من حق الكلام أن يقال: وما ذلك بجعل المشار إليه هو الشئ لمكان التجاهل بكونها عصا وإلا لم يستقم الاستفهام كما في قوله: " فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر " الانعام: 78.
ويمكن أن تكون الإشارة بتلك إلى العصا لكن لا بداعي الاطلاع على اسمها وحقيقتها حتى يلغو الاستفهام بل بداعي أن يذكر ما لها من الأوصاف والخواص ويؤيده ما في كلام موسى عليه السلام من الاطناب بذكر نعوت العصا وخواصها فإنه لما سمع السؤال عما في يمينه وهي عصا لا يرتاب فيها فهم أن المطلوب ذكر أوصافها فأخذ يذكر اسمها ثم أوصافها وخواصها، وهذه طريق معمولة فيما إذا سئل عن أمر واضح لا يتوقع الجهل به ومن هذا الباب بوجه قوله تعالى: " القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " القارعة: 4، وقوله: " الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة " الحاقة: 3.
قوله تعالى: " قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى " العصا معروفة وهي من المؤنثات السماعية والتوكي والاتكاء على العصا الاعتماد عليها والهش هو خبط ورق الشجرة وضربه بالعصا لتساقط على الغنم فيأكله والمآرب جمع مأربة مثلثة الراء وهي الحاجة والمراد بكون مآربه فيها تعلق حوائجه بها من حيث إنها وسيلة رفعها. ومعنى الآية ظاهر.
وإطنابه عليه السلام بالإطالة في ذكر أوصاف العصا وخواصها قيل: لان المقام وهو
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست