مر من جهة اليمين إلى الشمال تشأموا ولذا سمى تطيرا. انتهى.
وقال في المفردات: تطير فلان واطير أصله التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به ويتشاءم (قالوا انا تطيرنا بكم) ولذلك قيل: لا طير الا طيرك وقال:
(ان تصبهم سيئة يطيروا) أي يتشاءموا به (الا انما طائرهم عند الله) أي شؤمهم ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم، وعلى ذلك قوله: (قالوا اطيرنا بك وبمن معك) (قال طائركم عند الله) (قالوا طائركم معكم) (وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه) أي عمله الذي طار عنه من خير وشر ويقال: تطايروا إذا أسرعوا ويقال إذا تفرقوا. انتهى.
وبالجملة سياق ما قبل الآية وما بعدها وخاصة قوله: (من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه) الخ، يعطى ان المراد بالطائر ما يستدل به على الميمنة والمشامة ويكشف عن حسن العاقبة وسوءها فلكل انسان شئ يرتبط بعاقبة حاله يعلم به كيفيتها من خير أو شر.
والزام الطائر جعله لازما له لا يفارقه، وانما جعل الالزام في العنق لأنه العضو الذي لا يمكن ان يفارقه الانسان أو يفارق هو الانسان بخلاف الأطراف كاليد والرجل، وهو العضو الذي يوصل الرأس بالصدر فيشاهد ما يعلق عليه من قلادة أو طوق أو غل أول ما يواجه الانسان.
فالمراد بقوله: (وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه) ان الذي يستعقب لكل انسان سعادته أو شقاءه هو معه لا يفارقه بقضاء من الله سبحانه فهو الذي ألزمه إياه، وهذا هو العمل الذي يعمله الانسان لقوله تعالى: (وان ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) النجم: 41.
فالطائر الذي ألزمه الله الانسان في عنقه هو عمله، ومعنى الزامه إياه ان الله قضى ان يقوم كل عمل بعامله ويعود إليه خيره وشره ونفعه وضره من غير أن يفارقه إلى غيره، وقد استفيد من قوله تعالى: (وان جهنم لموعدهم أجمعين... ان المتقين في جنات وعيون) الآيات الحجر: 45 ان من القضاء المحتوم ان حسن العاقبة للايمان والتقوى وسوء العاقبة للكفر والمعصية.