هود ان الانسان لا ينال الا عمله فإذا كان مريدا للدنيا وفى إليه عمله فيها، وبين الغرضين فرق واضح فافهم ذلك.
وقوله: (ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا) أي وجعلنا جزاءه في الآخرة جهنم يقاسى حرها وهو مذموم مبعد من الرحمة، والقيدان يفيدان انه مخصوص بجهنم محروم من المغفرة والرحمة.
والآية وان كانت تبين حال من تعلق بالدنيا ونسى الآخرة وأنكرها غير أن الطلب والانكار مختلفان بالمراتب فمن ذلك ما هو كذلك قولا وفعلا ومنه ما هو كذلك فعلا مع الاعتراف به قولا، وتصديق ذلك قوله تعالى فيما سيأتي: (وللاخرة أكبر درجات) الآية.
قوله تعالى: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) قال الراغب: السعي المشي السريع وهو دون العدو، ويستعمل للجد في الامر خيرا كان أو شرا، انتهى موضع الحاجة.
وقوله: (من أراد الآخرة) أي الحياة الآخرة نظير ما تقدم من قوله: (من كان يريد العاجلة) والكلام في قول من قال: يعنى من أراد بعمله الآخرة نظير الكلام في مثله في الآية السابقة.
وقوله (وسعى لها سعيها) اللام للاختصاص وكذا إضافة السعي إلى ضمير الآخرة، والمعنى وسعى وجد للآخرة السعي الذي يختص بها، ويستفاد منه ان سعيه لها يجب ان يكون سعيا يليق بها ويحق لها كان يكون يبذل كمال الجهد في حسن العمل واخذه من عقل قطعي أو حجة شرعية.
وقوله: (وهو مؤمن) أي مؤمن بالله ويستلزم ذلك توحيده والاذعان بالنبوة والمعاد فان من لا يعترف بإحدى الخصال الثلاث لا يعده الله سبحانه في كلامه مؤمنا به وقد تكاثرت الآيات فيه.
على أن نفس التقييد بقوله: (وهو مؤمن) يكفي في التقييد المذكور فان من