كلام في القضاء في فصول 1 - في تحصيل معناه وتحديده. انا نجد الحوادث الخارجية والأمور الكونية بالقياس إلى عللها والأسباب المقتضية لها على إحدى حالتين فإنها قبل ان تتم عللها الموجبة لها والشرائط وارتفاع الموانع التي يتوقف عليها حدوثها وتحققها لا يتعين لها التحقق والثبوت ولا عدمه بل يتردد أمرها بين ان تتحقق وان لا تتحقق من رأس.
فإذا تمت عللها الموجبة لها وكملت ما تتوقف عليه من الشرائط وارتفاع الموانع ولم يبق لها الا ان تتحقق خرجت من التردد والابهام وتعين لها أحد الطرفين وهو التحقق، أو عدم التحقق، ان فرض انعدام شئ مما يتوقف عليه وجودها. ولا يفارق تعين التحقق نفس التحقق.
والاعتباران جاريان في أفعالنا الخارجية فما لم نشرف على ايقاع فعل من الافعال كان مترددا بين ان يقع أو لا يقع فإذا اجتمعت الأسباب والأوضاع المتقضية وأتممناها بالإرادة والاجماع بحيث لم يبق له الا الوقوع والصدور عينا له أحد الجانبين فتعين له الوقوع.
وكذا يجرى نظير الاعتبارين في أعمالنا الوضعية الاعتبارية كما إذا تنازع اثنان في عين يدعيه كل منهما لنفسه كان أمر مملوكيته مرددا بين ان يكون لهذا أو لذاك فإذا رجعا إلى حكم يحكم بينهما فحكم لأحدهما دون الاخر كان فيه فصل الامر عن الابهام والتردد وتعيين أحد الجانبين بقطع رابطته مع الاخر.
ثم توسع فيه ثانيا فجعل الفصل والتعيين بحسب القول كالفصل والتعيين بحسب الفعل فقول الحكم: ان المال لاحد المتنازعين فصل للخصومة وتعيين لاحد الجانبين بعد التردد بينهما، وقول المخبر ان كذا كذا، فصل وتعيين، وهذا المعنى هو الذي نسميه القضاء.
ولما كانت الحوادث في وجودها وتحققها مستندة إليه سبحانه وهى فعله جرى