تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٧٢
الأخرى من دعائه على ما يحكيه آية البقرة: " وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير " حيث سأل الرزق اولا لأهل البلد ثم خصه لمن آمن منهم فعممه الله سبحانه بقوله ومن كفر ثانيا وثانيا ان من الممكن ان يستفاد من قوله عليه السلام فيمن تبعه انه منى وسكوته فيمن عصاه بعد ما كان دعاؤه في نفسه وبنيه ان ذلك تبن منه لكل من تبعه والحاق له بنفسه ونفى لكل من عصاه عن نفسه وان كان من بنيه بالولادة أو الحاق لتابعيه بنفسه مع السكوت عن غيرهم بناء على عدم صراحة السكوت في النفي.
ولا اشكال في ذلك بعد ظهور الدليل فان الولادة الطبيعية لا يجب ان تكون هي الملاك في النسب اثباتا ونفيا ولا تجد واحدة من الأمم يقتصرون في النسب اثباتا ونفيا على مجرد الولادة الطبيعية بل لا يزالون يتصرفون بالتوسعة والتضييق وللاسلام أيضا تصرفات في ذلك كنفي الدعي والمولود من الزنا والكافر والمرتد والحاق الرضيع والمولود على الفراش إلى غير ذلك وفي كلامه تعالى في ابن نوح انه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح " هود: 46.
وثالثا انه عليه السلام وان لم يسأل المغفرة والرحمة صريحا لمن عصاه وانما عرضهم للمغفرة والرحمة بقوله ومن عصاني فإنك غفور رحيم لكنه لا يخلو عن ايماء ما إلى الطلب لمن ترك طريقته وسيرته التي تعد الانسان للرحمة الإلهية بحفظه من عبادة الأصنام وهذا المقدار من المعصية لا يمنع عن شمول الرحمة وان لم يكن مقتضيا أيضا لذلك وليس المراد به نفس الشرك بالله حتى ينافي سؤال المغفرة كما قال تعالى:
" إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء - 116.
هذا محصل ما يعطيه التدبر في الآيتين الكريمتين وهو في معزل عما استشكله المفسرون في أطراف الآيتين ثم ذهبوا في التخلص عنه مذاهب شتى بعيدة عن الذوق السليم.
فقد استشكلوا اولا قوله عليه السلام واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام من حيث إن ظاهره سؤال الحفظ عن عبادة الأصنام لنفسه ولبنيه جميعا فيكون دعاء غير مستجاب فان قريشا من بنيه وقد كانوا وثنيين يعبدون الأصنام وكيف يمكن ان يدعو
(٧٢)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الزنا (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست