تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٧١
ثم قوله عليه السلام فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم تفريع على ما تقدم من كلامه أي إذا كان كثير من الناس أضلتهم الأصنام بعبادتهن واستعذت بك وعرضت نفسي وبنى عليك ان تجنبنا من عبادتهن افترقنا نحن والناس طائفتين الضالون عن طريق توحيدك والعارضون لأنفسهم على حفظك واجنابك فمن تبعني الخ وقد عبر عليه السلام في تفريعه بقوله فمن تبعني والاتباع انما يكون في طريق وقد لوح إلى الطريق أيضا بقوله اضللن لان الضلال انما يكون عن الطريق فمراده باتباعه التدين بدينه والسير بسيرته لا مجرد الاعتقاد بوحدانيته تعالى بل سلوك طريقته المبنية على توحيد الله سبحانه ليكون في ذلك عرض النفس على رحمته تعالى واجنابه من عبادة الأصنام.
ومن الدليل على كون المراد بالاتباع هو سلوك سبيله قوله في ما يعادله من كلامه ومن عصاني فإنه نسب العصيان إلى نفسه ولم يقل ومن كفر بك أو عصاك أو فسق عن الحق ونحو ذلك كما لم يقل فمن آمن بك أو أطاعك أو اتقاك وما أشبهه.
فمراده باتباعه سلوك طريقه والتدين بجميع ما اتى به من الاعتقاد والعمل وبعصيانه ترك سيرته وما اتى به من الشريعة اعتقادا وعملا كأنه عليه السلام يقول من تبعني وعمل بشريعتي وسار بسيرتي فإنه ملحق بي ومن أبنائي تنزيلا أسألك ان تجنبني وإياه ان نعبد الأصنام ومن عصاني بترك طريقتي كلها أو بعضها سواء كان من بنى أو غيرهم فلا الحقه بنفسي ولا أسألك اجنابه وابعاده بل أخلي بينه وبين مغفرتك ورحمتك.
ومن هنا يظهر اولا ان قوله عليه السلام فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم تفسير لقوله واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام بالتصرف في البنين تعميما وتخصيصا فهو كتعميم البنين لكل من تبعه من جهة وتخصيصه بالعاصين له منهم من جهة أخرى فليسوا منه ولا ملحقين به وبالجملة هو عليه السلام يلحق الذين اتبعوه من بعده بنفسه واما غير متبعيه فيخلى بينهم وبين ربهم الغفور الرحيم كما قال تعالى: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " آل عمران - 68.
وهذه التوسعة والتضييق منه عليه السلام نظير مجموع ما وقع منه ومن ربه في الفقرة
(٧١)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست