تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٤٤
والتبع بفتحتين جمع تابع كخدم وخادم وقيل اسم جمع وقيل مصدر جئ به للمبالغة والاغناء الإفادة وضمن معنى الدفع ولذا عدى بعن كما قيل والجزع والصبر متقابلان والمحيص اسم مكان من حاص يحيص حيصا وحيوصا إذا زال عن المكروه كما في المجمع فالمحيص هو المكان الذي يزول إليه الانسان عن المكروه والشدة وقوله وبرزوا لله جميعا أي ظهروا له تعالى ظهورا لا يحجبهم عنه حاجب وهذا بالنسبة إلى أنفسهم حيث كانوا يتوهمون في الدنيا إن ربهم في غيبة عنهم وهم غائبون عنه فإذا كان يوم القيامة زال كل ستر متوهم وشاهدوا ان لا حاجب هناك يحجبهم عنه واما هو تعالى فلا ساتر يستر عنه في دنيا ولا آخرة قال تعالى: " إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء " آل عمران: 5.
ويمكن ان تكون الجملة كناية عن خلوصهم لحساب الأعمال وتعلق المشيئة الإلهية بانقطاع الأعمال وانجاز الجزاء الموعود كما قال: " سنفرغ لكم أيها الثقلان " الرحمن - 31 وقوله فقال الضعفاء للذين استكبروا إلى قوله من شئ تخاصم بين الكفار يوم القيامة على ما يعطيه السياق فالضعفاء هم المقلدون المطيعون لأوليائهم من الكفار والمستكبرون هم أولياؤهم المتبوعون اولوا الطول والقوة المستنكفون عن الايمان بالله وآياته.
والمعنى فقال الضعفاء المقلدون للذين استكبروا منهم إنا كنا في الدنيا لكم تابعين مطيعين من غير أن نسألكم حجة على ما تأمروننا به فهل أنتم مفيدون لنا اليوم تدفعون عنا شيئا من عذاب الله الذي قضى علينا.
وعلى هذا فلفظة من في قوله من عذاب الله للبيان وفي قوله من شئ زائدة للتأكيد كما في قولنا ما جاءني من أحد والنفي والاستفهام متقاربان حكما ولا دليل على امتناع تقدم البيان على المبين وخاصة مع اتصالهما وعدم الفصل بينهما.
وقوله قالوا لو هدانا الله لهديناكم ظاهر السياق ان المراد بالهداية هنا الهداية إلى طريق التخلص من العذاب ويمكن ان يكون المراد بها الهداية إلى الدين الحق في الدنيا والمال واحد لما بين الدنيا والآخرة من التطابق ولا يبرز في الأخرى إلا ما كان كامنا في الأولى قال تعالى حكاية عن أهل الجنة: " وقالوا الحمد لله الذي هدانا
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست