تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٤١
(بيان) تشتمل الآيات على تذكرة الناس في صورة خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة بعد مرة بقوله: " ألم تر كيف خلق الله السماوات والأرض بالحق " " ألم تر كيف ضرب الله مثلا " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا. " يذكر تعالى بها إن الخلقة مبنية على الحق فهم سيبرزون جميعا فالذين ساروا بالحق وآمنوا بالحق وعملوا الحق ينالون السعادة والجنة والذين اتبعوا الباطل وعبدوا الشيطان وأطاعوا الطغاة المستكبرين منهم غرورا بظاهر عزتهم وقدرتهم لزمهم شقاء لازم وتبرأ منهم متبوعوهم من الجن والإنس ولله العزة والحمد.
ثم يذكر ان هذا التقسم إلى فريقين انما هو لانقسام سلوكهم إلى قسمين سلوك هدى وسلوك ضلال والذي يلزمه الهدى هو المؤمن والذي يلزمه الضلال هو الظالم والقاضي بذلك هو الله سبحانه يفعل ما يشاء وله العزة والحمد.
ثم يذكر بالأمم الماضية الهالكة وما وقعوا فيه من البوار بسبب كفرانهم بنعمة الله العزيز الحميد ويعاتب الانسان بظلمه وكفره بالنعم الإلهية التي ملأت الوجود وإن تعدوها لا تحصوها.
قوله تعالى: " ألم تر ان الله خلق السماوات والأرض بالحق " المراد بالرؤية هو العلم القاطع فإنه الصالح لان يتعلق بكيفية خلق السماوات والأرض دون الرؤية البصرية.
ثم الفعل الحق ويقابله الباطل هو الذي يكون لفاعله فيه غاية مطلوبة يسلك إليه بذاته فمن المشهود ان كل واحد من الأنواع من أول تكونه متوجه إلى غاية مؤجلة لا بغية له دون ان يصل إليها ثم البعض منها غاية للبعض ينتفع به في طريق كينونته ويصلح به في حدوثه وبقائه كالعناصر الأرضية التي ينتفع بها النبات والنبات الذي ينتفع به الحيوان وهكذا قال تعالى: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما الا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون " الدخان: 39 وقال: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا " ص: 27
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست