قوله تعالى: " فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم " إلى آخر الآية ضمير الجميع الأول والثاني للرسل والثالث للذين كفروا بدلالة السياق والتعبير عنهم بالظالمين للإشارة إلى سببية ظلمهم للاهلاك فان تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية كما أن قوله: " ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد " مشعر بعلية الخوف للاسكان.
وقوله مقامي مصدر ميمي أريد به قيامه تعالى على الامر كله أو اسم مكان أريد به مرتبة قيمومته تعالى للامر كله والمراد من وعيده تعالى ما اوعد به المخالفين عن امره من العذاب.
فالمراد بالخوف من مقامه تعالى تقواه بما انه الله القائم بأمر عباده والمراد بالخوف من وعيده تقواه بما انه الله الذي حذر عباده من مخالفة امره بلسان أنبيائه ورسله فيعود على أي حال إلى التقوى وينطبق على قول موسى لقومه: " استعينوا بالله واصبروا ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " الأعراف: 128 كما أشار إليه في الكشاف.
والمعنى فأوحى رب الرسل إليهم وقد اخذت صفة الربوبية الخاصة بهم لمكان توكلهم الجالب للرحمة والعناية وأقسم لنهلكن هؤلاء المهددين لكم بظلمهم ولنسكننكم هذه الأرض التي هددوكم بالاخراج منها ونورثكم إياها لصفة مخافتكم منى ومن وعيدي وكذلك نفعل فنورث الأرض عبادنا المتقين.
قوله تعالى: " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد " الاستفتاح طلب الفتح والنصر والخيبة انقطاع الرجاء والخسران والهلاك والعنيد هو اللجوج ومنه المعاند.
والضمير في واستفتحوا للرسل أي طلبوا النصر من الله لما انقطعت بهم الأسباب من كل جانب وبلغ بهم ظلم الظالمين وتكذيب المعاندين كقول نوح فيما حكاه الله: " انى مغلوب فانتصر " القمر: 10 ويمكن رجوع الضمير إلى الرسل والكفار جميعا فان الكفار أيضا كانوا يصرون على أن يأتيهم الرسل بما يقضى بينهم كقولهم " متى هذا الفتح " ألم السجدة: 28 " متى هذا الوعد " يس: 48 وعلى هذا التقدير يكون المعنى واستفتح الرسل والكفار جميعا وكانت الخيبة للجبارين وهو