تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٢٤
المشهود عليهم.
ولازم ذلك أن يكون المراد بالأمة في الآية المبحوث عنها ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم جماعة الناس من أهل عصر واحد يشهد أعمالهم شهيد واحد ويكون حينئذ الأمة التي بعث إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم منقسمة إلى أمم كثيرة.
ويكون المراد بالشهيد الانسان المبعوث بالعصمة والمشاهدة كما تقدم ويؤيده قوله من أنفسهم إذ لولا المشاهدة لم يكن لكونه من أنفسهم وقع ولا لتعدد الشهداء بتعدد الأمم وجه فلكل قوم شهيد من أنفسهم سواء كان نبيا لهم أو غير نبيهم فلا ملازمة كما يؤيده قوله: " وجئ بالنبيين والشهداء " الزمر: 69.
ويكون المراد بهؤلاء في قوله وجئنا بك شهيدا على هؤلاء الشهداء دون عامة الناس فالشهداء شهداء على الناس والنبي صلى الله عليه وآله وسلم شهيد على الشهداء وظاهر الشهادة على الشاهد تعديله دون الشهادة على عمله فهو صلى الله عليه وآله وسلم شهيد على مقامهم لا على أعمالهم ولذلك لم يكن من الواجب ان يعاصرهم ويتحد بهم زمانا فافهم ذلك.
والانصاف انه لولا هذا التقريب لم يرتفع ما يتراءى ما في آيات الشهادة من الاختلاف كدلالة آية البقرة وقوله: " ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس " الحج: 78 على كون الأمة هم المؤمنين ودلالة غيرهما على الأعم ودلالتهما على أن النبي انما هو شهيد على الشهداء وان بينه وبين الناس شهداء ودلالة غيرهما على خلافه وان على الناس شهيدا واحدا هو نبيهم لأن المفروض حينئذ ان شهيد كل أمة هو نبيهم وكون اخذ الشهيد من أنفسهم لغو لا اثر له مع عدم لزوم الحضور والمعاصرة وان الشهادة انما تكون من حي كما في الكلام المحكى عن المسيح عليه السلام واشكالات أخرى تتوجه على نجاح الحجة ومضيها تقدمت الإشارة إليها والله الهادي.
وقوله: " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " ذكروا انه استئناف يصف القرآن بكرائم صفاته فصفته العامة انه تبيان لكل شئ والتبيان والبيان واحد كما قيل وإذ كان كتاب هداية لعامة الناس وذلك شأنه كان الظاهر أن المراد بكل شئ كل ما يرجع إلى أمر الهداية مما يحتاج إليه الناس في
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست